يظن الكثير أن الماضى يتلاشى فى ذاكرتنا مع مرور الزمن وأن الذكريات المؤلمة والمواقف المؤثرة تُنسى وتنطوى، لكن الواقع أن الطفل الداخلي لكل منا يبقى يقظا متألمًا مما تعرض له فى الماضى فتظل المواقف محفورة بداخلنا مؤثرة علينا والاحتياجات النفسية التى لم تُشبع تبقى داخلنا وتنعكس على افكارنا ومشاعرنا وسلوكنا .. وهنا نأتى للنقطة الأهم على الإطلاق وهى السلوك!
فكثيرا مايتمسك الشخص بعلاقات مؤذية أو يجذب لنفسه أشخاص يسببون له مشكلات نفسية لأنه يشعر أن تلك العلاقة تمنحه شئ افتقده من الصغر كالأمان أو الحنان أو التقدير حتى لو كانت تسرق منه السلام الداخلي .. هكذا يشعر الطفل الداخلي الكامن بأعماقك وكأن دائما ينقصه شئ لا يكتمل إلا بهذه العلاقة.
كيف تكتشف الطفل الداخلي وتتعامل معه ؟!
1. عليك أن تتأمل نفسك وتتعرف عليها جيدا وتعترف بالجرح القديم الكامن فى أعماقك ولا تحاول اقناع نفسك أنك تجاوزت بمرور السنين، إقرأ عن تأثير الطفولة على النفس البشرية مما يزيدك معرفة بنفسك وبكيفية مراقبة السلوك الناتج عن الطفولة وتحديد الأسباب والتعامل معها.
2. كن واعيًا بأنك افتقدت شيئا ما فى طفولتك سواءًا كان الأمان أو الحنان أو التقدير أو غيرهم أو تعرضت للإساءة أو الإهمال .. فالاعتراف ليس ضعفًا بل هو الخطوة الأولى للتعافى والراحة النفسية، واللجوء أحيانا لكتابة مشاعرك يمكنك من فهمها أكثر والتعبير عنها.
3. عليك أن تتأكد أن الماضى لا يمكن تغييره ولكن يمكن تغيير أفكارك ومشاعرك نحو الماضى، فلا تضع أحد فى دور المنقذ لسد ماينقصك أو ما افتقده فى طفولتك حتى لا تصبح سعادتك رهينة عنده.
4. ابحث عن بيئة داعمة مناسبة لك سواء من الأهل أو الأصدقاء الموثوق فيهم أو متخصصى الدعم النفسى إذا لزم الأمر، ذلك من شأنه أن يساهم فى التعافى من مشكلات الطفولة وتأثيرها عليك.
5.ابنى نفسك داخليا، امنح نفسك الأمان من خلال حدودك الشخصية واحمى نفسك من الاستغلال سواء العاطفى أو المادى وتعامل مع نفسك بالرحمة واللين كما تحب أن يعاملك الآخرون، قدر نفسك وانجازاتك وكافئها.
6. غذى روحك وإحساسك بالمشاعر التى افتقدتها فى طفولتك سواء بعطاءك لهذه المشاعر أو بالعلاقات الداعمة أو اسلوب حياتك الذى يساعدك على ذلك وتحرر من الشعور بالإساءة أو الإهمال أو غيرها من المشاعر السلبية المتراكمة داخلك وذلك بحبك لنفسك وتقديرك لذاتك.
7. ركّز فى اختيار دائرة علاقاتك وحافظ على توازن مشاعرك فلا تبنى علاقات لسد احتياج أو شعور تفتقده، اجعل علاقاتك إضافة جميلة لك فإذا لم تكتمل علاقة ما فلن ينقص ذلك منك ولا يأخذ من طاقتك، فجذور شخصيتك ثابتة بداخلك لا خارجك.
نضوج الطفل الداخلي
ها قد وصلت إلى الوعى بالطفل الداخلي ونضوجه فتصبح قراراتك قائمة على الاختيار الصحيح وليس على الحاجة لسد فراغ، فتحيا حياة متوازنة تستمد سعادتك من اعماق ذاتك وقوة أفكارك وسلامة مشاعرك.