موقع يهتم بالمرأة العربية وعواطفها وتحدياتها وأحلامها وشريك حياتها

صلة الرحم: توسع الرزق وتطيل العمر

1 365

مفهوم صلة الرحم

يعرف بعض الفقهاء الصلة: بالوصل، وهو ضد القطع. ويكون الوصل بالمعاملة نحو السلام، وطلاقة الوجه، والبشاشة، والزيارة، وبالمال، ونحوها.

من هم الرحم

الأرحام هم الأقارب وهم على نوعين: رحم محرم ورحم غير محرم.

وأما الرحم غير المحرم فهم الأقارب الذين يجوز التناكح بينهم، كبنات الأعمام وبنات العمات وبنات الأخوال وبنات الخالات وأولادهم.

كيف أصل رحمي؟

الرحم توصل بمعاهدتهم بالزيارة، بإكرام كريمهم، وعيادة سقيمهم، والتيسير على معسرهم، وتفقد أحوالهم.

وفي الوسائل الحديثة عون على الطاعة بأداء هذه العبادة. ففي الهاتف امتداد جسر العطف والمحبة، وفي المراسلة بقاء الود، وفي تبليغ السلام تجديد العهد.

عقوبة قطع الرحم على المسلم

لا شكَّ أنَّ قطيعة الرَّحم لها تأثيرٌ كبيرٌ على المسلم في الدُّنيا والآخرة، ومن ذلك ما يأتي:

– استحقاق لعنة الله تعالى وغضبه، قال الله تعالى: «وَالَّذينَ يَنقُضونَ عَهدَ اللَّـهِ مِن بَعدِ ميثاقِهِ وَيَقطَعونَ ما أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يوصَلَ وَيُفسِدونَ فِي الأَرضِ أُولـئِكَ لَهُمُ اللَّعنَةُ وَلَهُم سوءُ الدّار».

– تعجيل العقوبة له في الدُّنيا قبل الآخرة، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «ما من ذنبٍ أجدرُ أن يعجِّل اللهُ -تعالى- لصاحبه العقوبةَ في الدنيا، مع ما يدِّخر له في الآخرةِ مثل البغيِ وقطيعةِ الرحمِ».

– الاتّصاف بصفات أهل الفِسق والضَّلال، وعدم التَّوفيق في أمور الحياة.

– الحرمان من دخول الجنَّة، فقد ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: «لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ». قالَ ابنُ أَبِي عُمَرَ: قالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي قَاطِعَ رَحِمٍ.

– عدم قبول الله تعالى عمل الفرد؛ حيث إنّ الله تعالى لا يرفع له عمل.

– إغلاق أبواب السماء أمام قاطع الرحم.

حكم صلة الرحم

المتأمل للنصوص القرآنية والأحاديث النبوية يقطع بوجوب صلة الرحم بلا خلاف بين العلماء، وأن قاطعها آثم، مرتكب كبيرة من الكبائر.

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “الرحمُ معلقة بالعرشِ تقولُ: من وصلني وصلهُ اللهُ، ومن قطعني قطعهُ الله” (١).

قال القاضي عياض:

قال: والأحاديث في الباب تشهد لهذا، ولكن الصلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة، وصلتها بالكلام ولو بالسلام.

ومما تقدم نعلم أن صلة الرحم واجبة وقطيعتها حرام، وأن الحكم بالوجوب يرجع إلى الحاجة والحالة، فمن كان له أخ وعم مثلًا وأخوه غني وعمه فقير معدم، فإن صلة الأخ يكفي فيها الكلام والسلام والسؤال عن حاله وصحته ونصحه، أمَّا العم فلا يعتبر واصلًا له إلا إذا أعطاه من ماله إن كان مالكاً للمال قادراً.

مراتب صلة الرحم

ومراتب الصلة كثيرة: أولها وأعلاها: الواصل لمن أساء إليه، كما ورد في حديث مسلم عن الرجل الذي جاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: (إن لي رحماً أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي).

المرتبة الثانية: الواصل لمن قطع وإن لم يسئ إليه.

المرتبة الثالثة: المكافئ، وفيه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها)، أي: ليس الميزان إذا زارني زرته، وإن لم يزرني لم أزره، كدائن ومدين، وإن أعطاني هدية أعطيته، وإن أعطاني كلمة أعطيته، فأي معاملة هذه؟ وأين هذا من قول الله عز وجل: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:٣٤]

قال الشاعر: وذي رحم قلمت أظفار ضغنه بحلمي عنه وهو ليس له حلم أما رأينا النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، يوم أن رأى أعداءه الألداء الذين ناصبوه العداء وأخرجوه من بلده واستهزءوا به، وتعرضوا لمقامه وجلاله وذاته وشخصه صلى الله عليه وسلم؛ فأي شيء فعل بهم؟! إنه صاحب القلب الرحيم، وصاحب معرفة حق الوصل حتى لغير المسلم تأليفاً لقلبه واستمالة له وإظهاراً لمحاسن هذا الدين.

ضابط صلة الرحم

وبيان ذلك أن الرحم نوعان: رحم مَحْرَم، ورحم غير مَحْرَم. وضابط الرحم المَحرَم: كل شخصين لو كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى لم يجز لهما أن يتناكحا، كالآباء والأمهات والإخوة والأخوات والأجداد والجدات وإن علوا، والأولاد وأولادهم وإن سفلوا، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات.

وأما أبناء الأعمام والعمات والأخوال والخالات، فليسوا من الرحم المَحرَم، لجواز التناكح بينهم.

والرحم غير المَحرَم: ما عدا ذلك من الأقارب، كابن عمتك، وبنت عمتك، وابن خالك، وبنت خالك، وهكذا.

وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن الرحم التي يجب صلتها: هي الرحم المحرم فقط، وأما غير المَحْرَم، فتستحب صلتها ولا تجب، وهذا قول للحنفية، وغير المشهور عند المالكية، وقول أبي الخطاب من الحنابلة، وحجتهم أنها لو وجبت لجميع الأقارب لوجب صلة جميع بني آدم، وذلك متعذر، فلم يكن بد من ضبط ذلك بقرابة تجب صلتها وإكرامها ويحرم قطعها , وتلك قرابة الرحم المحرم.

آيات عن صلة الرحم

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}. [النساء، آية 1]

{وَالَّذِينَ آمَنُوا مِن بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنكُمْ ۚ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}. [الأنفال، آية 75]

{وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ}. [البقرة، آية 21]

{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ۗ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَىٰ أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا}. [الأحزاب، آية 6]

أحاديث عن صلة الرحم

أحاديث عن فضل صلة الرحم وردت في السنة النبوية الكثير من الأحاديث التي تبيّن فضل صلة الرحم، وتحذّر من قطعها

ومن هذه الأحاديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ، حتَّى إذا فَرَغَ مِن خَلْقِهِ، قالتِ الرَّحِمُ: هذا مَقامُ العائِذِ بكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قالَ: نَعَمْ، أما تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَن وصَلَكِ، وأَقْطَعَ مَن قَطَعَكِ؟ قالَتْ: بَلَى يا رَبِّ، قالَ: فَهو لَكِ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فاقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: “فَهلْ عَسَيْتُمْ إنْ تَوَلَّيْتُمْ أنْ تُفْسِدُوا في الأرْضِ وتُقَطِّعُوا أرْحامَكُمْ”).[٢]

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (قالَ اللَّهُ: أَنا الرَّحمنُ وَهيَ الرَّحمُ، شَقَقتُ لَها اسمًا منَ اسمي، من وصلَها وصلتُهُ، ومن قطعَها بتتُّهُ).[٣] قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بالعَرْشِ تَقُولُ مَن وصَلَنِي وصَلَهُ اللَّهُ، ومَن قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ).[٤]

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (إِنَّ اللَّهَ يوصِيكم بِأُمَّهَاتِكُمْ ثُمَّ يوصِيكم بِأُمَّهَاتِكُمْ ثُمَّ يوصِيكم بِآبَائِكُمْ ثُمَّ يوصِيكم بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ).[٥] قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (أرحامكم أرحامكم).[٦]

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصِلَ أَبَاهُ فِي قَبْرِهِ فَلْيَصِلْ إِخْوَانَ أَبِيهِ بَعْدَهُ).[٧]

اقرأ أيضا: فن صناعة الذكريات الجميلة

تعليق 1
  1. […] اقرأ أيضا: صلة الرحم توسع الرزق وتطيل العمر […]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.