موقع يهتم بالمرأة العربية وعواطفها وتحدياتها وأحلامها وشريك حياتها

الحياء وأثره على المسلمة

1 532

يعتبر الحياء الفاصل الذي يحمي كرامة المرأة المسلمة، ويصون لها سلوكها ويحميها من سفاسف الأمور، وإن تركه يجعلها في محطة تبعدها عن أخلاق المسلمات العفيفات وهذا ما نراه في واقعنا المعاصر المؤلم.

فبدأت النساء تخرج إلى مواقع التواصل الاجتماعي دون حجاب أو لباس شرعي يحفظ عليها دينها؛ فظهر الفساد وعم البلاء، فلا بد من كل مسلمة أن تتحلى بهذا الخلق القويم خلق الحياء، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ” ([1])

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: “الحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ”([2])، وقال وهب بن منبه” الإِيْمَانُ عُرْيَانُ، وَلِبَاسُهُ التَّقْوَى، وَزِيْنَتُهُ الحَيَاءُ، وَمَالُهُ الفِقْهُ”. ([3])

الحياء

ويمكن أن يعرف الحياء على أنه: ألا يجدنا الله في مكان قد نهانا عنه وفعل ما يجب والبعد عن كل فعل مشين.

فالحياء خلق الأنبياء السابقين وكذلك الصحابة والتابعين فقال النبي صلى الله عليه وسلم “ إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا، لاَ يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ، فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا: مَا يَسْتَتِرُ هَذَا التَّسَتُّرَ، إِلَّا مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ: إِمَّا بَرَصٌ وَإِمَّا أُدْرَةٌ: وَإِمَّا آفَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا لِمُوسَى، فَخَلاَ يَوْمًا وَحْدَهُ، فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى الحَجَرِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ إِلَى ثِيَابِهِ لِيَأْخُذَهَا، وَإِنَّ الحَجَرَ عَدَا بِثَوْبِهِ، فَأَخَذَ مُوسَى عَصَاهُ وَطَلَبَ الحَجَرَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرُ، ثَوْبِي حَجَرُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ، وَأَبْرَأَهُ مِمَّا يَقُولُونَ، وَقَامَ الحَجَرُ، فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَلَبِسَهُ، وَطَفِقَ بِالحَجَرِ ضَرْبًا بِعَصَاهُ، فَوَاللَّهِ إِنَّ بِالحَجَرِ لَنَدَبًا مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ، ثَلاَثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا”([4])

وهذا مصداقاً لقوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا﴾ [الأحزاب: 69]

فوالله إن القلب ليدمع من حياء نبي الله موسى وكيف أنه كان يستتر ونحن في عصر يخرج فيه الشباب بلباس يكشف عوراتهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.

والحياء يكون في المشي والتصرفات فقال تعالى: ﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ﴾ [النور: 31] ، ونقيس عليه في مجتمعاتنا بالتي تخرج بالخلخال والكعب والعالي والله يقول ليعلم مايخفين من زينتهن فيعتبر هذا من الزينة التي تجب على المرأة اخفائها إلا لمحارمها.

وقوله تعالى: ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [الأحزاب:32]، والخضوع بالقول هنا أي التغنج بالكلام وترقيق الصوت بطريقة تجعلها في فعل مشين يؤدي إلى الرذيلة لذلك قال الله تعالى وقلن قولاً معروفا.

وينقسم الحياء إلى نوعين: الحياء المحمود والحياء المذموم؛ فأما الحياء المحمود فهو الذي يحض صاحبه على فعل الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأما المذموم فهو الذي إن رأى منكراً لا يغيره بل ويتمادى في فعله والنهي عن المعروف.

ومن صور الحياء؛ الحياء مع الله وهذه أعظمها، فالأصل أن الانسان المسلم يكون مؤدب مع الله.

والحياء من النبي (صلى الله عليه وسلم)، فالمسلم يكون حيياً بالتزامه بسنة رسولنا الكريم والعمل بما جاء فيها.

والحياء من الملائكة؛ في أن المسلم يستشعر بوجودهم في كل وقت وحين معه، يرافقونه ولا يفارقونه، لقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الانفطار:10،11،12].

والحياء من الناس، ويكون في عدم التقصير معهم واحترامهم وعدم إنكار معروفهم.

والحياء من النفس، يكون الانسان حيياً إذا حافظ على نفسه من ذنوب الخلوات، فإن من يهتك الستر بينه وبين الله فهو أشد الناس قلة للحياء.

ومن النماذج على حياء العفيفات في كتاب الله؛ ابنة شعيب التي جاءت لموسى (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾ [القصص: 25].

ومن حياء فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنها كانت جالسة هي وزوجها على فراشها دون فعل شيء فدخل رسول الله عليها فغطت وجهها حياء من رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

ولا بد أن نعلم أن الحياء ليس بانخفاض رأس أو احمرار وجه، إنما ألا يجدنا الله حيث نهانا، فطوبي للذين ما زالوا على قيد الحياء.

[1] أخرجه ابن ماجه في سننه (ج2/ ص1399)، تحقيق: محمد فؤاد عبدالباقي، دار احياء الكتب العربية.

[2] أخرجه البخاري في صحيحه (ج8/ص29)، تحقيق: محمد زهير الناصر، دار طوق النجاة، ط الأولى 1422.

[3] المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، عبدالرحمن الجوزي، تحقيق: محمد عبدالقادر عطا،(ج7/ ص141)، دار الكتب العلمية ، ط الأولى.

[4] أخرجه البخاري في صحيحه (ج4/ ص156).

اقرأ أيضا: أمراض القلوب داء خطير للنفس البشرية

تعليق 1
  1. […] اقرأ أيضا: الحياء وأثره على المسلمة […]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.