جامع الاقمر هو من المساجد المعلقة، وعلى الرغم من مساحته الصغيرة مقارنةً بمساحة وحجم باقي المساجد الأثرية في شارع المعز، إلا أنه أول مسجد يتميز بالزخارف الهندسية المميزة في الواجهة، ومن بعده بدأت باقي المساجد استخدام المقرنصات مثله في الواجهات.
مؤسس جامع الاقمر
هو أبو علي المنصور، الخليفة الفاطمي السابع، الذي ولد في 13 محرم سنة 490 هـ، وتولى الخلافة في 17 صفر سنة 495 هـ، يوم وفاة والده المستعلي بالله، وكان آنذاك طفلاً يبلغ من العمر 5 سنوات. لأن عمره كان صغيراً، اضطر المستشارون إلى تعيين الوزير شاهناه ابن بدر الجمالي لتولي شؤون الدولة حتى يكبر الخليفة. وبقي الوزير شاهنشاه الآمر والناهي على كرسي الخلافة حتى وفاته في ذي القعدة سنة 524 هـ.
في سنة 519 هـ، قرر الوزير المأمون البطائحي بناء مسجد بأمر من الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله.
مكان الجامع
يقع المسجد في شارع النحاسين في الزاوية الشمالية الشرقية للقصر الفاطمي الشرقي الكبير، حيث يخدم سكان الحي وسكان القصر على حد سواء.
ويعتبر الجامع من مساجد الدولة الفاطمية بشارع المعز
يقول المؤرخون إن المسجد بُني في موقع الدير الذي كان يسمى “دير العظمة”، وكان واحدًا من الأديرة الموجودة في ذلك الوقت. كما يقولون إنه كان يحتوي على بعض من عظام شهداء الأقباط.
مُسمى جامع الاقمر
يعد جامع الاقمر واحدًا من أهم المساجد في القاهرة الفاطمية، وأخذ اسم الأقمر بسبب لون الحجارة التي بني بها، فكانت باللون الأبيض الذي يشبه القمر.
ويتبع الاسم على وزن المساجد الفاطمية بصيغة الأفضل، مثل: الأزهر والأنور، وذلك لأن معظم المساجد الفاطمية كانت تسمى بهذه الصيغة في ذلك الوقت.
واجهة جامع الأقمر
يعتبر الأقمر تحفة مساجد الدولة الفاطمية، ومن أهم مميزات الجامع أنه أول جامع بُنيت واجهته الرئيسية موازية لخط تنظيم الشارع احترامًا له، بدلاً من أن تكون موازية للصحن مثل باقي المساجد، وبذلك تكون القبلة أخذت وضعها الصحيح.
فعند الدخول إلى المسجد، نجد أنه من الداخل منحرف بالنسبة للواجهة.
وصف جامع الأقمر
يتكون الجامع من صحن صغير (فناء) مركزي مكشوف، مساحته حوالي 10 متر مربع، ويحيط به رواق واحد من الثلاث جوانب، وثلاثة أروقة من الجانب الجنوبي الشرقي الموجود في إيوان القبلة، والأربعة أروقة مغطاة بقباب ضحلة (قليلة العمق).
تزين جميع العقود الموجودة في الأروقة بالكتابات الكوفية، وتعلق على أعمدة من الرخام لها قواعد مصبوبة وتيجان مختلفة، وتربطها ميدات من الخشب.
وفي مدخل المسجد يوجد العقد المعشق، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تظهر فيها عمارة المساجد في ذلك الوقت، وانتشر استخدامها في العمارة المملوكية في القرن الخامس عشر الميلادي. كما يوجد فوقه العقد الفارسي، واستخدمت أيضًا المقرنصات التي لم تستخدم قبل ذلك فيما عدا مئذنة جامع الجيوشي.
عند بناء المسجد، لم يتم بناء مئذنة، ويقولون إن ذلك كان بسبب قربه من القصر، وذلك لمنع أي شخص من الصعود فوق المئذنة ويطلع على ما يجري في قصر الخليفة.
ترميمات الجامع
تم ترميم المسجد في سنة 799 هـ عندما أمر الأمير المملوكي يلبغا السالمي بترميمه وبناء مئذنة للمسجد، وذلك كان في عهد السلطان برقوق.
في سنة 815 هـ، انهارت المئذنة، ولكن بعد ذلك تم ترميمها بالإضافة إلى إنشاء أكشاك المتاجر على يمين المسجد، واستبدال المنبر والمحراب ومنطقة الوضوء.
في سنة 1236 هـ، أمر سليمان آغا السلحدار بتجديد المسجد في عهد محمد علي باشا لإعادته للخدمة مرة أخرى، وذلك كان بعد فترة كبيرة من الإهمال للمسجد.
حدثت ترميمات أخرى للمسجد من قِبل فرقة البهرة الداودية، وكانت هناك انتقادات بسبب تضحيتها ببعض العناصر التاريخية للمسجد.
على الرغم من ذلك، يبقى جامع الأقمر من أهم دور العبادة في القاهرة الفاطمية، وأول مسجد من المساجد المعلقة يحترم خط تنظيم الشارع في الواجهة.
وفيما يتعلق بواجهة المتحف القبطي، صممت في أوائل القرن العشرين الميلادي على نهج واجهة جامع الاقمر، ولكن وضعوا العبارات المسيحية والصلبان بدلاً من العبارات الإسلامية كدليل على الوحدة الوطنية.
اقرأ ايضا: شارع المعز رحلة عبر تاريخ مصر الاسلامي
[…] اقرأ أيضا: جامع الاقمر: تحفة فنية تراثية […]