تحدثنا في المقال السابق عن عدة نقاط مهمة، فيما يخص القلق وأعراضه وأسبابه والفرق بين الهموم والقلق المرضي.
واليوم سنكمل حديثنا ونتكلم بالتفصيل عن الوسائل الخمسة للتخلص من القلق.
الوسائل التي تخلصك من القلق نهائياً
فتشي عن السبب الحقيقي وراء القلق
الوسيلة الأولى التي تُخلصك من القلق، وهي أن تكتبي كل ما يدور بذهنك حول التجارب القاسية أو الصدمات التي تعرضتي لها في طفولتك، وسببت لكِ القلق.
ثم تسجلي مشاعرك الحقيقية تجاه نفسكِ ورأيك فيها بكل صراحة حتى لو رأيتِ أنك عاجزة أو ضعيفة أو سلبية أو تابعة للغير.
وكوني على يقين بأن أول طريقك لحل المشكلة هو الاعتراف أمام نفسك بوجود مشكلة تحتاج لحل.
اعرفي الحلول والبدائل المتاحة لديكِ
حين تدركين وجود خيارات وحلول مختلفة للمشكلة التي تواجهك، ستكونين قادرة على اختيار أفضل هذه الحلول.
تتحرك نحو القضاء على النقص الذي تعانين منه، والذي ساعدتك أول وسيلة في اكتشافه.
إن الشخصية التي تعاني من القلق الشديد، تعجز عن رؤية خيارات الحل، بل ولا ترحب بها لأنها في العادة تتطلب تغييراً في التفكير والسلوك.
ومع ذلك إذا نظرتي لماضيكِ فسترين أن أفضل فترات حياتك والتي شهدت نجاحات عظيمة هى تلك التي اضطرتك فيها ظروف ما إلى التغيير.
بمعنى أنكِ قد تخشين التغيير وتهربين منه ولكنه على الأغلب يكون هو الحل الأمثل لمواجهة مشاكلك التي تؤرق حياتك.
أحد الحلول هو الاستبدال، وهو يعني أنه عندما يساوركِ القلق تجاه أمرٍ ما ويبدأ سيناريو القلق يراودكِ، هنا بإمكانك أن تُحضري ورقة وقلم وتكتبي سيناريوهات مختلفة.
مثلاً “أنا قلقة لأن صنبور المياه يحتاج لإصلاح عاجل”، اكتبي حلول للمشكلة مثلاً “سوف أستدعي السباك أو سوف أحاول إصلاحه بنفسي”.
وعندما تنتهين من كتابة كل الحلول المتاحة بإمكانك اختيار أفضل حل بينهم يكون باستطاعتك تنفيذه.
اصرفي ذهنكِ عن القلق، بمعنى أن تختاري فعل شئ تُحبينه ويثير في نفسكِ البهجة، أو تقومي بممارسة الهواية المفضلة لديكِ.
“قراءة كتابكِ المفضل، الرسم، التلوين، مشاهدة التلفزيون، الاستماع إلى الموسيقى الهادئة التي تساعدكِ على الاسترخاء، الكروشيه”.
حاولي استبدال أسلوب “ماذا لو” بأسلوب “ماذا يهم” حيث أن أسلوب “ماذا لو” يجعلكِ تفكرين بسيناريوهات مأساوية مما يزيد من الشعور بالقلق.
ولكنكِ إذا استبدلتيه بأسلوب “ماذا يهم” عندها تستطيعين تحويل اتجاه تفكيرك من السلبية إلى الإيجابية وتؤكدي لنفسكِ أنه لا شئ يستحق كل هذا القلق.
ضعي تصوراً لأهدافك
في البداية أريد أن أُخبرك بتعريف كلمة “هدف”.
“الهدف هو الغاية التي نبذل كل جهودنا في سبيل الوصول إليها“.
عندما تضعي أهداف إيجابية لحياتكِ وتتحدثي إلى نفسك بثقة، وأنكِ مُصرة على تحقيق هذه الأهداف، فإنكِ بهذه الطريقة قد أعطيتِ عقلك الباطن الإشارة لمساعدتكِ لتحقيق هذه الأهداف.
هناك مقولة في علم النفس مفادها أن “القلق يجلب المزيد من القلق” وكذلك إذا أعدنا توجيه العقل الباطن وفكرنا بطريقة إيجابية، فإنه سيجلب لنا راحة البال والنجاح في الحياة.
وإليكِ عزيزتي القارئة الخطوات التي يجب عليكِ اتباعها لكي تغيري من عاداتك حيال القلق من السلبية إلى الإيجابية:
ليكن لديكِ إيمان قوي بأنكِ قادرة على التغيير.
اجمعي نتائج عملية من مختلف الوسائل التي يمكنك بها تحقيق التغيير في حياتك.
- استخدمي لهجة إيجابية في كتابة تصورك لأهدافك.
- أرخي عضلات جسمك تماماً، ثم صوري بخيالك نهاية سعيدة للأحداث بدلاً من حدوث الكارثة.
- أكدي لنفسكِ دائماً أنكِ هادئة فعلا ولا يساورك أي قلق.
- اتخذي خطوات عملية كي تحققي التغيير المنشود.
- تصرفي وكأنكِ قد تخلصتِ من كل الهموم التي كانت تشكل عبئاً كبيراً عليكِ.
إذا استطعتِ القيام بهذه الخطوات مع الحفاظ على النظرة التفاؤلية للحياة وإصدار رسائل إيجابية للعقل الباطن، فإنه يقوم بدوره باتخاذ إجراءات لتحقيق كل آمالك وأحلامك بدلاً من جلب المزيد من القلق.
والأن ألقي نظرة على أهدافك التي قمتِ بكتابتها واختاري منها واحداً أو اثنين لتبدأِ بتنفيذها.
هناك فائدة كبيرة لكتابة الأهداف، وهى أن اختزان المعلومات يكون أفضل وأقوى إذا استخدم الإنسان فيه باقي حواسه مثل السمع والبصر واللمس والحركة.
فأنتِ حين تكتبين تشعرين بالقلم يتحرك بين أصابعكِ، وتبصرين الهدف المكتوب على الورقة، كما تسمعين صوتكِ وأنتِ ترددينها لنفسكِ أثناء كتابتها.
أقدمي على المجازفة
الوسيلة الرابعة التي تخلصك من القلق هي أن تجازفي وتقدمي على المجازفة.
وتعتبر هذه الوسيلة هي أصعب خطوة لأنها تقوم بالتنفيذ، حيث شهدنا تجارب عديدة لنموذج المرأة التي تقوم بوضع الأهداف، وتأخذ جميع الخطوات الموصلة للهدف، ولكن عند نقطة التنفيذ.
نرى العزيمة تتبخر والهمة تخور، ذلك لأن التنفيذ يتطلب منكِ المجازفة ببعض التغيير في حياتك.
حيث أنها لا تضمن نجاح هدفك، ولم تحتمل مجرد التفكير في أن تخطئ أو تفشلي، فحينها تختاري الحل الأسهل وهو أن تستسلمي للوضع الحالي .
“إن الخوف من المجازفة يضيع على المرأة أفضل فرص النجاح“
يجب عليكِ لكي تقهري القلق بداخلك، أن يكون لديكِ بعض الاستعداد لتقبل الشعور المؤقت بعدم الاستقرار عند تجربة شيئاً جديداً لأول مرة، ووقعتي في بعض الأخطاء، بمعنى آخر أن يكون لديكِ استعداد لتقبل الفشل.
“تعلمي الحسم كي تقدمي على المجازفة”
هناك ثلاثة مبادئ إذا قمتِ باتباعها ستصبحين أكثر قدرة على اتخاذ القرارات وحل المشاكل، وهذه المبادئ هي:
- تغيير طريقة تفكيرك.
- تغيير أقوالك.
- تغيير أفعالك.
دعي المشاكل تمر
الوسيلة الخامسة والأخيرة هي أن تتركي المشاكل تمر.
إن التغاضي عن المشكلة لا يعني رفض التصرف حيالها أو التفكير في حلها، ولكن يجب معرفة الفرق بين الهموم التي يمكن أن تتصرفي معها أو تتحكمي فيها، وبين تلك التي تعتبر أمراً واقعاً.
فإذا لم يكن بإمكانكِ التصرف حيالها، فتقبلي الأمور على علتها.
بعد أن تستنفذِ كل ما لديكِ من طرق، وتشعرين أنكِ لم تتركي باباً للحل إلا وطرقتيهِ، ورغم ذلك لم تستطيعي الوصول لحل لمشكلتك.
فيمكنك عندئذٍ أن تدعي المشكلة تمر.
أعلم أن هذا ليس بالأمر الهين عليكِ، ولكنكِ حين تدعين المشكلة تمر تصبح أعصابك أهدأ وتفكيركِ صافياً فتتمكنين بالتالي من حل المشاكل التي ظننتِ أن لا حل لها أبداً.
هناك حكمة قديمة أوصي بها رجل حكيم لحفيده قائلاً:
“إن البحر يا بني كالحياة نفسها، سيد صارم مستبد، وإذا أردت أن تتوافق مع كلٍ منهما فانهل من العلم بقدر ما تستطيع، وابذل من الجهد قدر ما تستطيع ، ولا تقلق خاصةً على الأمور التي لا يد لك فيها”.
إذا ابتليتي سيدتي بمشاكل صحية مزمنة، أو حوادث، أو أعباء يلقيها عليكِ أحد أفراد أسرتك فلديكِ خياران:
إما أن تغرقي في القلق والألم بسبب الظلم الواقع عليكِ وتتراكم المشاكل فوق رأسكِ، أو تدعي المشاكل تمر، ولكي حرية الاختيار.
الأساليب التي تعلمك كيف تغيرين من نفسك
حللي توقعاتك وأحلامك
يجب أن تقرري أي من هذه الأحلام يخرج عن دائرة الواقعية، عليكِ أن تعرفي طاقاتكِ وحدود قدراتكِ جيداً حتى لا تنصدمي بالواقع في المستقبل حين تجدين نفسكِ عاجزة عن تحقيق أحلامك.
عيشي في الحاضر وانعمي بجماله
فكري في النعم التي حباكِ بها الله من جمال وصحة جيدة وكوني علي يقين أن لديكِ كل المقومات لكي تقومي من عثرتك وتبدأي جديد.
العفو عند المقدرة
حاولي أن تغفري لمن ظلمكِ وسبب لكِ الأذى، لكي تخلصي عقلكِ من مشاعر الانتقام وتمني وقوع المصائب علي رأسه، لأن هذه المشاعر تجعلكِ حبيسة الماضي، وما حدث فيه من أحداث مؤلمة لكِ، مما يمنعكِ من النسيان وتخطي هذه المشكلة والبدء من جديد.
لذلك عزيزتي حاولي أن تغفري لمن ظلمكِ لتستطيعي قلب هذه الصفحة من حياتكِ وتبدأي مرحلة أكثر إشراقاً وجمالاً مما مضى.
الخاتمة
عزيزتي القارئة، إن الجراح التي تصيبنا في الحياة تكون خارجة عن إرادتنا ولا يد لنا فيها.
لذا يستحيل محو أثارها مهما بذلنا من جهد، لكن ما في أيدينا فعلاً هو أن ننصرف بتفكيرنا بعيداً عنها، ونؤمن بأن الجمال يكمن بداخلنا، وأن تكوني علي يقين أنكِ تستطيعين تخطي كل الصعاب بالاستعانة بالله والتوكل عليه ثم الثقة بقدراتك وقوتك.
اقرئي أيضاً: حقوق الزوجة على الزوج