حدثتني صديقة عزيزة قائلة:
عندما تقدم زوجي لخطبتي سعدتُ كثيرًا، فهو شخص متدين، يتقي الله في تعاملاته مع من حوله.
الجميع يشهد له بحسن الخلق والسيرة الطيبة، وهذه صفات تتمناها كل فتاة في زوجها المستقبلي.
ومن ناحية أخرى تربطني علاقة طيبة بوالدته، فأنا أعرفها جيدًا، فهي جارتُنا منذ زمن بعيد، وأنا وابنتها صديقتان منذ الصغر، لم نكن نفترق أبدًا.
فرحت جدًا بكون صديقتي ستصبح أخت زوجي، وبكون والدتها ستصبح أم زوجي وأمي الثانية.
أسرعت لكي أتحدث مع صديقتي فرِحة، أهاتفها لكنها لا تجيبني، هاتفت والدتها لأسأل عنها، أجابتني بطريقة لم أعهدها من قبل، وأخبرتني أنها تنجز بعض المهام ولا تستطيع التحدث معي الآن.
كان اسلوب والدتها ينم عن شيء غريب، أخبرتها بأني أريد التحدث معها في أمر هام، وأريدها أن تهاتفني.
أغلقت الهاتف وأنا أشعر بغصة تتملك قلبي، فدائمًا ما أهاتفها وهي تنجز ما ورائها، ومع ذلك تتحدث معي.
ذهبت إلى والدتي لكي أتكلم معها وأخبرها بما حدث، لكي أهون عن نفسي، لكني تراجعت وفضلت أن أجعل ما حدث بداخلي، لعل ما حدث لم يكن مقصودًا.
مرت الأيام ولم تحدثني صديقتي نهائيًا، ولا تجيب على رسائلي، وكان زوجي يتردد مع والده لإنهاء باقي الاتفاقات، وكنت ألاحظ عندما تسأل أمي على والدته وأخته، كان يجيب بإختصار ولا يكثر في الحديث عنهم.
كنت دائمًا أفرض حُسن النية، ولا أريد أن يأخُذني تفكيري إلى أشياء أخرى.
تم تحديد يوم الخُطبة، وكنت أتمنى وجود صديقتي بجانبي، هاتفتها ولم تجيبني، فأرسلت إليها رسالة نصية قائلة”
( أختي وصديقتي العزيزة، لقد جاء اليوم الذي ننتظره منذ زمن معًا، اليوم الذى طالما حلمنا بكل تفاصيله سويًا، أتمنى وجودك بجانبي عزيزتي).
قرأت رسالتي ولم تُجيبني، أنتابني خوف وقلق مما يحدث، لماذا تفعل معي ذلك؟ لماذا والدتها لم تحدثني منذ يوم مجيء ابنها لخطبتي.
كنت أريد التحدث مع أي أحد لكي يساعدني على استيعاب ما يحدث، ولكن دائمًا ما كنت أتراجع.
يوم الخطبة كانت بمثابة الصدمة لي، ولكنها أيضا أظهرت كل شيء أمام عيني.
فعند دخولي وسلامي على المدعوين، كان لقائي بصديقتي يملؤه البرود، ارتسما على وجهها علامة اشمئزاز لي، أما والدتها فكان سلامها باردًا، يظهر رفضها لي.
ومن هذه اللحظة أيقنت بأن صديقة عمري، ووالدتها تحولوا إلى أخت خطيبي وأم خطيبي.
كان الذهول يتملكني، والخوف يعتريني، مما سوف يحدث في المستقبل، أستيقظتُ من شرودي لأجد يد خطيبي تُربت على يدي ويخبرني، لاتقلقي واطمئني، أنا بجانبك ولن أتركك.
استعدتُ قوتي وتمالكت أعصابي، وقررت بأن أفرح في هذا اليوم، فهذا يوم خطبتي، ولن أدع شيء يدمر فرحتي، تناسيتهم وتمتعتُ بيوم عمري كما أريد.
كان كل شيء على ما يرام، أتحدث معه يوميًا ولا يوجد أي تواصل بيني وبين أخته ووالدته.
وفي يوم كان يحادثني وشعرت بأن هناك شىء يضايقه، وبعد إلحاح مني، أخبرني بأن والدته وأخته متضايقات؛ لأني لم أحدثهم منذ يوم الخُطبة، وبأني تغيرت معهم، وكلاما كثيرًا، ينم على أنهم يريدون اشعال المشاكل.
في هذه اللحظة قررت بأن أصارحه بكل ما حدث منهم، منذ يوم قدومه لخطبتي، وأخبرته عن رسالتي لأخته وعدم إجابتها لي، وإني لم أكن أريد التحدث في هذه الأشياء حتى لا تحدث مشاكل، وفي النهاية طلبت منه اذا كنا سوف نكمل حياتنا سويًا.
فلا ينصت لمثل هذا الكلام منهم، ووعدته بأن أتعامل معهم بما يرضي الله، ولن اشتكي إليه شيئًا، وبأن لا يظلمني لإرضائهم ولا يظلمهم لإرضائي.
اقترب الفرح وبدأ التعامل يعود فيما بيننا، ولكن يوجد عائق يحول دون رجوع العلاقة كما كانت، فأنا لا أستطيع أن أنسى ما حدث لكني أتناسى.
أيقنتُ بأن كل ما يحدث ناتج عن غيرة تملأ قلوبهم ناحيتي، وبأن هذه الغيرة بالتأكيد موجودة لديهم من قبل، لكني لم أكن أركز في مثل هذه الأشياء.
بدأت أفكر لماذا الأم والأخت يضعان نفسهم في مقارنة مع زوجة ابنهم؟ فأنا أرى بأن من يفعل ذلك يهدر من قيمته ومكانته تجاه الطرف الآخر.
فكل شخص له قيمته ومكانته محفوظة مع من حوله، وإذا وضع الشخص نفسه في مقارنة فإنه بالتالي سيخسر مكانته وقيمته.
الخلاصة
لكل من الأم والأخت والزوجة مكانة خاصة وعظيمة، لا يمكن المقارنة بينهم، لكن عندما تتملكهم الغيرة تجاه بعضهم البعض، فأنهم سوف يخسرون هذه المكانة المهمة.
تخلصوا من الغيرة والمقارنة،حاربوها لكي لا تؤثر على قلوبكم، حافظوا على أحبائكم، وعلى علاقتكم بمن حولكم، واتقوا الله فيما بينكم.
اقرئي أيضًا: آباء ولكن!
[…] اقرئي أيضاً: جعلوها مجرمة […]