موقع يهتم بالمرأة العربية وعواطفها وتحدياتها وأحلامها وشريك حياتها

مظاهر تكريم الله للإنسان في القرآن

2 1٬917

مظاهر تكريم الله للإنسان

إن الشريعة الإسلامية قد قدمت نظرة تربوية للنفس البشرية، فتكلمت في كل جوانبها وأجزائها المتشعبة، فلم تترك شيئا منها إلا ووردت فيه نصوص شرعية لتعالجه، وتوضح نظرة الإسلام فيه.

ومن ضمن المحاور التي بينها الإسلام في نظرته للنفس البشرية محور التكريم، فهناك الكثير من النصوص الشرعية التي تحدثت وتكلمت عن مظاهر التكريم الإلهي للنفس البشرية، حيث ارتقت كرامة النفس البشرية عن كرامة سائر المخلوقات، دون أن ينازعها في هذه الكرامة أي مخلوق من سائر المخلوقات، سواء في الأرض أو في السماء.
وهذا ما سنتكلم عنه بالتفصيل في موضوعنا هذا.

معنى إسم الله “الكريم”

قال الجنيد: الكريم الذي لا يحوجك إلى وسيلة.

وقال الحارث المحاسبي: الكريم هو الذي لايبالي من أعطى.

وقال أبو علي الدقاق: هو الذي إذا عفا عن عبد عفا عمن له مثل معصيته، وعمن كان سميا له العصاة مطلقاً.

وقيل الكريم هو الذي لايرضى أن ترفع إلى غيره حاجة.

وقيل أيضا: هو الذي لايخيب رجاء الآمنين.

وقيل: هو الذي لايضِّيع من توسل إليه، ولا يترك من التجأ إليه، ويحفظ حقوق خدمته إذا ماتوا.

مدى إكرام الله للإنسان

أكرم الله الإنسان حيث أنعم عليه بأن منحه قوة إدراكية قادر بها على البحث عن الحقيقة، المتعلقة بسر وجوده، والغايه من وجوده، وكيفية تحقيق تلك الغاية.
وهذا وإن تحقق فلن يتحقق إلا بالقراءة فهى مفتاح كل شئ.
هذا وإن دل فسيدل على أن طلب العلم والمعرفة واجب على كل مسلم.

أنواع القراءة

 قراءة بحث وإيمان

وهي التي مكن الله المسلم منها كما قلت، بمقتضى ما وهبه الله من قوة إدراكية قادرة على البحث والتحرى عن الحقيقة، بمعنى أن يبحث الإنسان عن الذي خلقه، يتساءل لماذا خُلقت؟ لماذا أنا في الدنيا؟ ما العمل العظيم الذي ينبغي أن أفعله؟ ماذا بعد الموت؟ ماذا قبل الموت؟ من أين وإلى أين ولماذا؟

قراءة الشكر والعرفان

لماذا؟

لأن الله عز وجل أكرمك أي منحك أكبر عطاء أنه أوجدك، منحك نعمة الإيجاد، أوجدك وأودع فيك حاجات، منحك نعمة الإمداد، حيث أمدك بالهواء والماء العذب الزلال، والزوجة، والأولاد، الطعام، والشراب، والفواكه، والمعادن، وغير ذلك، منحك نعمة الهداية.

والهداية أنواع

هداية المصالح وهي تكون للكافة، فما من إنسان على وجه الأرض إلا وقد هداه الله لما يصلح له ولما يناسبه، وهداية الوحي وهى التي تكون عن طريق اتباع منهج الكتاب والسنة، وهذه الهداية يختص بها عباد الله الصالحين ،ثم هداية التوفيق.
فينبغي أن تؤمن، ولأنه سخر لك الكون تسخير تكريم ينبغي أن تشكر، فإذا آمنت وشكرت حققت الهدف الذي من أجله خلقت.

دلالة تكريم الله للإنسان

النصوص القرآنية التي تناولت تكريم الإنسان عديدة منها ما جاء في سورة الإسراء في قوله”ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ”
وكرامة الله للإنسان متمثلة في الآتي:-

حيث كرمه الله بالعقل، والنطق، والتمييز، والخط والصورة الحسنة، وتدبير أمر المعاش والمعاد.

كما فضل الله بني آدم بحسن الصورة، والمزاج الأعدل، واعتدال القامة، والتمييز بالعقل والعلم، والإفهام بالنطق والإشارة، والاهتداء إلى أسباب المعاش والمعاد، والتسلط على ما في الأرض، والتمكن من الصناعات، والطهارة بعد الموت، ونحو ذلك.
وعن العز بن عبد السلام “تكريم بني آدم بالإنعام عليهم، أو بأن جعلنا منهم خير أمة أخرجت”

مظاهر تكريم الله للإنسان

هناك مظاهر تكريم الله للإنسان في السماء، ومظاهر تكريم له في الأرض.

أما مظاهر تكريم الله للإنسان في السماء منها :-

  1. إعلان نبأ الخلق لسيدنا لآدم من الله مباشرة.
  2. خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه.
  3. سجود الملائكة له.
  4. أسكنه الجنة رغم أنه خلق ليكون خليفة الله في الأرض.

أما مظاهر تكريم الله للإنسان في الأرض فهي متمثلة في الاتي :-

  1. سخر له ما في السموات والأرض.
  2. فضله على كل المخلوقات.
  3. تشريع الأحكام التي تتعلق بمصلحته في الدنيا والآخرة.
  4. إرسال الرسل، وإنزال الكتب السماوية

جعل الإنسان خليفة في الأرض، وزوده بإستعدادات الخلافة الخاصة به، كالخلق في أحسن تقويم، والعلم والعقل والحواس.

ومن مظاهر تكريم الله للإنسان أيضا الاتي :-

1 -تفضيله على كثير من الخلق كما سبق وقلنا وذلك من خلال قوله تعالى:”ولقد كرمنا بنبي آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ”

2 -شرفية الخلق: جاءت كثير من نصوص القرآن والحديث تصور الخلق الإلهي للإنسان بصورة تبدو فيها العناية المخصوصة من االله تعالى لهذا المخلوق في مباشرة خلقه، وفي تصويره وتكوينه من ذلك.

ومنه قوله تعالى : “قال يإبليس ما منعك ألا تسجد لما خلقت بيدي استكبرت أم كنت من العالين ”
فالآية تشير إلى أن الإنسان خلق بيد االله، وهي علامة على التشريف والتعظيم له.

ومنه أيضا نفخ االله من روحه في الإنسان وسجود الملائكة له في قوله تعالى: “إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين ( ) فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ”

3-الصورة الحسنة وحسن التقويم مصداقا لقوله تعالى:”وصوركم فأحسن صوركم”
وكان صلى الله عليه وسلم إذا سجد يقول “سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين”
وقوله تعالى” ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم “والتقويم هو التعديل والتسوية.

حاصل الآية :أن الإنسان خلق على درجة رفيعة هي أرفع الدرجات في بنيته، إعتدالا وتسوية وانسجاما، فكان بذلك حائز على أرفع الدرجات من التكريم الإلهي.

4-منحه العقل والنطق والتمييز: بخلاف سائر الحيوان “الرحمان () علم القرآن () خلق الإنسان () علمه البيان.
5-تحميل الإنسان الأمانة وتكريمه بالحرية، ومنه قوله تعالى ” إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان ” فقد يبدوا أن التكليف أمر فيه كلفه ومشقة، ولكن بالتأمل المبصر نرى أنه مصدر تكريم ورفعة.

أنواع تكريم الله للإنسان

أولا :كرامة عصمة وحماية

تعد هذه أوسع الكرامات وأعمها وأدومها، وهي طبيعية في الفرد غير مكتسبة، إذ ينالها الفرد منذولادته، بل منذ تكوينه جنينا في بطن أمه، كرامة لم يؤد لها ثمنا ماديا ولا معنويا.
وصورها متمثلة فيما سبق ذكره من مظاهر لتكريم الإنسان وما إلى ذلك.

ثانيا :كرامة عزة وسيادة

وهي كرامة فطرية، وهي كذلك تولد مع الإنسان، لكن لا يشعر بها إلا المؤمن ويدل عليها قوله تعالى:”ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين”
وهي صيانة من العصمة والحرمة، تصون صاحبها من أن يهون على الناس، أو يضيعوا حقا من حقوقه أو ينتهكواحرمة من حرماته، فهي إذن تاج من الشرف والنبل يحوزه الإنسان، وتبرز من خلاله سيطرته على باقي الموجودات وتسخيرها له، فتكون يذلك سيادة عالمية، ومن جهة أخرى هي سيادة ذاتية لكل آدمي.

ومن مظاهرها

تسخير ما في الكون للإنسان كما في قوله تعالى:”الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناءا وأنزل من السماء ماءا فأخرج به من الثمرات رزقا لكم”
فالله سخر للإنسان كل ما السماوات من شمس وقمر ونجم وسحاب، وما في الأرض من دابة وشجر وماء بحر وفلك، وغيرذلك من المنافع، فكل ذلك يجري لمنافع الإنسان ومصالحه، لغذائه وأقواته وأرزاقه وملاذه يتمتع ببعض ذلك كله، وينتفع بجميعه.

ثالثا: كرامة استحقاق وجدارة:

هذه كرامة مكتسبة ليست كسابقتيها، متعلقة بسلوك الإنسان وسيرته، يكتسبها بحسب عمله الصالح، فتعلو وترتقي تبعا له، فتسمو إذا كان متقنا وخالصا لله، والعكس صحيح، وقد يكون العمل:

1 – بالعبادة والطاعة: فيزكي الإنسان نفسه بالعبادة، ويطهرها بالعبادة، فيرقى؛ لأنها تكون أهلا لحب االله ومعيته والقرب منه، وقد صرح االله في محكمه العزيز أن أكرم عباده أتـقاهم، والتقوى لا تكون إلا بالتزام أمر الله واجتناب نهيه،وقد قال تعالى “إن أكرمكم عند الله اتقاكم ”
فالتفاضل بين الناس إنما هو بالتقوى، فمن اتصف بها كان هو الأكرم والأشرف والأفضل.
فدعوا التفاخر، إن االله عليم بكم وبأعمالكم، خبيرببواطنكم وأحوالكم وأموركم .

2-العلم والمعرفة :فإن أول ما أمر الله به رسوله هو طلب العلم، قال تعالى “أقرأ بإسم ربك الذي خلق (.) خلق الإنسان من علق (.)
ثم بين فضل العلم والعلماء، فقال “يرفع الله الذي آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات”

خاتمة

مظاهر تكريم الله للإنسان كثيرة.

إن الإنسان أصبح اليوم في وضع لايحسد عليه في العالم الإسلامي وغير الإسلامي؛ لأنه يفوته الكثير من التكريم؛ بسبب الإبتعاد عن منهج الله،الذي يضمن تكريم هذا الإنسان ومعاملته بكرم، فلا يستطيع الإنسان ثم لا يستطيع أن يهتدي بغير القرآن إلي طريقه السوي في جميع المستويات، سواء المستوى السياسي أم الإقتصادي أم المادي أم التعليمي أم الإعلامي أم الحقوقي أم الروحي.

فلا يستطيع بني آدم أن يرسموا خطة يعيشوا بها مكرمين كما خلقهم الله عزوجل بدون القرآن،إذ هو عليه مدار التكريم الحقيقي والكامل لبني آدم في الأرض، والتي وعد الله بوراثتها لعباده الصالحون، قال تعالى “ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون”

وعباد الله الصالحون هم من آمنوا، ليس هذا فقط، بل وعملوا الصالحات أيضا،كما قالت الآية “والذين آمنوا وعملوالصالحات لندخلنهم في الصالحين”.

اقرأ أيضا: هل أهلك السبب في كل ما يحدث لك؟

2 تعليقات
  1. […] اقرأ أيضا: مظاهر تكريم الله للإنسان في القرآن […]

  2. […] اقرأ أيضا: مظاهر تكريم الله للإنسان […]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.