موقع يهتم بالمرأة العربية وعواطفها وتحدياتها وأحلامها وشريك حياتها

الابتلاء محنة ام منحة

1 524

الابتلاء وصوره

الابتلاء في الدنيا؛ وهو ابتلاء النفس والمال.
الابتلاء في الدين؛ وهو ما يكون لأصحاب الفكر المتطرف والملحدين. اعاذنا الله وإياكم.
وفي هذا الموضوع، يقول ابن القيم: إن البلاء الذي يصيب العبد في الله لا يخرج عن أربعة أقسام. فإنه إما أن يكون في نفسه، أو في ماله، أو في عرضه، أو في أهله ومن يحب. والذي في نفسه، قد يكون بتلفها تارة، وبتألمها بدون التلف، فهذا مجموع ما يبتلى به العبد في الله. وأشد هذه الأقسام: المصيبة في النفس.

هل الدنيا ابتلاءات؟

الدنيا ما هي إلا محن وابتلاءات متعاقبة، الواحدة تلو الأخرى، ما بين عسر ويسر، فمن غلب عسر يسرين، لذا فالحياة تفتقر إلى الصبر، الذي هو صمام الأمان أمام أي ابتلاء واقع لا محالة.

فمن فقد الصبر فقد معنى الحياة.

هل الابتلاء محنة أم منحة؟

إن الابتلاء يبدو وكأنه محنة، ذات مذاق مرير، إلا أنه إذا سرعنا يتحول مذاقه إلى لذة ونعيم، وهي لذة الصبر ونعيم المعية.

معية الله لأهل الابتلاءات

إن أهل الابتلاءات لهم مكانة رفيعة في الدنيا وفي الآخرة.

أما الدنيا، فمعية الله تغني وتكفي شريطة الصبر، وهو حبس النفس عن الاعتراض والتمرد على الواقع المعاش والخروج عنه بشتى الصور والأشكال.
قال تعالى: “إن الله مع الصابرين”.

ثم الرضا وهو عين القبول، والصبر والامعان من رب الأرض والسماء، ولا يتأتى إلا بايضاح الحكمة من وراء الابتلاء.

ما الحكمة وراء الابتلاء؟

إن الحكمة هي ضالة المؤمن، فمتى وجدها فقد رشد وأفاق، ومتى فقدها فقد تاه وأضل، والحكمة هي عين الرحمة، والرحمة هي التنعم والإحسان والتفضل والإنعام.

أسباب الابتلاء:

تكفير السيئات، وهو من تمام عدل الله بعباده، وهو ابتلاء يشوبه بعض التنغيص والعذاب، لذا فلا يحرم الله العبد إلا ليعطيه.

وقد يكون الابتلاء ارتقاء وإنعام واصطفاء، ولعل الحكمة من وراءه هي الاصطفاء وعين العطاء والمنّة للعبد.

ومن عظم البلايا الآتية:

  • أن الذنوب جراحات، ورب جرح جاء في مقتل.
  • أن الابتلاء لا يزال بالمؤمن والمؤمنة حتى يتركه يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة.
  • أن أشد الناس ابتلاءً الأنبياء ثم الأمثل، فالأمثل يبتلى الرجل على قدر دينه.

كيف أعرف أن الابتلاء عذابٌ أم ارتقاء؟

يجيب ابن باز: إن الله يبتلي عباده بالسراء والضراء وبالشدة والرخاء، وقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم وإعلاء ذكرهم ومضاعفة حسناتهم، كما يفعل بالأنبياء والرسل – عليهم الصلاة والسلام – والصالحين من عباد الله.

كما قال النبي ﷺ: “أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل، فالأمثل”، وتارة يفعل ذلك سبحانه بسبب المعاصي والذنوب، فتكون العقوبة معجلة كما قال سبحانه: “وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ” [الشورى: 30].

فالغالب على الإنسان التقصير وعدم القيام بالواجب، فما أصابه فهو بسبب ذنوبه وتقصيره بأمر الله، فإذا ابتلي أحد من عباد الله الصالحين بشيء من الأمراض أو نحوها فإن هذا يكون من جنس ابتلاء الأنبياء والرسل لرفعًا في الدرجات وتعظيمًا للأجور، وليكون قدوة لغيره في الصبر والاحتساب. فالحاصل أنه قد يكون البلاء لرفع الدرجات وإعظام الأجور كما يفعل الله بالأنبياء وبعض الأخيار، وقد يكون لتكفير السيئات كما في قوله تعالى: “مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ[النساء: 123]”.

وقول النبي ﷺ: “ما أَصَابَ المُسْلِمَ مِنْ هَمٍّ وَلاَ غَمٍّ وَلاَ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ”، وقوله ﷺ: “مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ”، وقد يكون ذلك عقوبة معجلة بسبب المعاصي وعدم المبادرة للتوبة كما في الحديث عنه ﷺ أنه قال: “إذا أراد الله بعبده خيرًا عَجِّلَ لَهُ العُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”، خرجه الترمذي وحسنه.

الابتلاء سنة الله في الكون.

إن الابتلاء محورٌ أساسيٌ لكافة البشرية، حيث يأتي ليرقي المؤمن ويهذبه، وليس ليعذبه. ويتمثل الابتلاء في الصبر والرضا ومن ثم الشكر، وإذا تحقق كلاً من ذلك، يرفع الله الابتلاء، نظرًا لتحقيق الغرض منه بعد إيضاح الحكمة من وراءه.

عقبات الابتلاء:

الصراعات المستمرة وتقلبات الحياة ومحنها وتغيراتها المستمرة، ومع ذلك تحتاج الحياة لمزيد من الصبر والثبات، وعلاوة على ذلك، صبرٌ ومرورٌ بالبلاء، فإن الابتلاء يزلزل المؤمن حتى لا يتركه يمشي على الأرض وعليه خطيئة واحدة.

ولعل من يهون على المؤمن الم أو ابتلاء “قوله تعالى: قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ رَآئِدُونَ” (التوبة: 52)، والحسنيان هما النصر والشهادة.

شعار المؤمن: “أما النصر وأما الشهادة”.

استرداد القيمة الذاتية بعد رحيل الابتلاء:

1- تجديد الإيمان بالذكر المتواصل والدعاء والمناجاة وشكر رب الأرض والسماء.

2- بعض الأنشطة الحياتية المفيدة والمثمرة والنافعة التي تعيد لك بهجة الحياة من جديد.

3- الاستثمار في العلاقات؛ فهي معلم للإنسان، وخصوصًا تلك التي تضفي عليك المناعة النفسية القوية والمزيد من المهارات الفسيولوجية.

آيات وأحاديث الصبر على البلاء:

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ. الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ. (البقرة: 155-157)

وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ. مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ۖ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ. (إبراهيم: 42-43)

عَجِبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَٰلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ. إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ. (مسلم)

إن الله يبتلي عباده بحسب قدرتهم وقوتهم، ومن يصبر ويحتسب فإن الله مع الصابرين وسيجزيهم على صبرهم بالأجر العظيم، ومن يشتكي ويتذمر فإنه يزيد من بلائه، فليكن الصبر والرضا والشكر هما شعار المؤمن في كل حال.

اقرأ أيضا: فضل صلاة على الرسول

تعليق 1
  1. […] اقرأ أيضا: الابتلاء محنة أم منحة؟ […]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.