هل تريد أن تنال الاحترام والتقدير من الآخرين؟

إن الاحترام لخلق أحق أن يكون محل اعتبار لدى الجميع؛ لأنه دليل على احترام الغير لصاحبه.

كيف لا؟

فالمحترم يحترم، بمعنى أن من يحترم الآخرين دليل على إحترام صاحبه لنفسه، فينعكس هذا على الآخرين، فيحترمونه.

وللإحترام معاني شتى، منها التقدير، ومنها الحب، ومنها الإهتمام، إلى غير ذلك.

وكما أن لكل قيمة ميزان ضابط لها، بحيث لا تخرج عن إطارها المسموح به، فكما نعرف أن بين كل قيمة خلقية وضدها شعرة،فكذلك الإحترام له ضوابط ومعايير.

والمعايير غير الضوابط، بمعنى أن معايير الإحترام هى مقاييسه التي تبين حدوده، أما ضوابط الإحترام فهى قواعده وأسسه.

فالمعيار هو في الأصل المقياس، يقال معيار الشئ أي مقياسه.

وأما الضابط في الأصل هو الأساس أو القاعدة، يقال الضابط في الشيء كذا أي الأساس الذي يرجع إليه هو كذا.

وللإحترام صور وأشكال على حسب كل علاقة، ولا شك أن الإحترام مطلوب في كل علاقة، وهذا ما سنبينه في هذا الموضوع.

وإذا كان الإحترام مهم وضرورى لهذه الدرجة، فكما سبق وقلنا إنه أساس كل علاقة.

” فلاخير في علاقة لا يكسوها الإحترام”

إذا ولابد من أن يكون له ثمرات جليلة وعظيمة، تعود على طرفي العلاقة، ليس هذا فحسب، بل يعود أثرها علي المجتمع ككل؛ لأنه إذا قويت العلاقات بين الأفراد، سنحظى بالإتحاد والتعاون الذي هو أساس القوة لدى كل شخص.

مفهوم الاحترام

هو أحد القيم الحميدة التي يتميز بها الإنسان، ويعبر عنها  اتجاه كل شئ حوله، فهو بمثابة تقدير لشئ ما أو لشخص ما أو لقيمة ما، وهو شعور متبادل، بمعنى كلما تعاملت مع الناس بإحترام وتقدير كلما بادلوك نفس الشعور وعاملوك بتقدير وإحترام.

مقاييس ومعايير

إحترام الوقت

إن الوقت يعد كنز ثمين، قلما يوجد من يحسن إستغلاله؛ لذا تجد الكثير من الناس في حسرة وضيق على أشياء تافهة لا قيمة لها، وتراهم يبكون عليها، فهم لا يدرون أنهم في الأساس يبكون ويتحسرون على ما هو أغلى وأثمن من ذلك، ألا وهو الوقت.

نعم إنه الوقت، الذي شغلتهم أنفسهم عن إستغلاله، ودفعتهم إلى إهداره وتضييعيه؛ لأنه هو الشئ الوحيد الذي يبكي عليه الإنسان على الحقيقة، ولم لا!

فهو يستحق أن يبكي عليه.

لذا تقول الحكمة دائما “الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك”

وهناك مثلا فرنسيا شهيرا في هذا الإطار وهو “Time is money”

ليس هذا فحسب.

بل نبه القرآن وأشار إلى ضرورة وأهمية وثمانة الوقت، حيث أقسم في كتابه بالزمن، وهو الوقت، حيث قال “والعصر ( ) إن الإنسان لفي خسر”

كيف لا؟

فالزمن هو من يعصر الإنسان ويخرج أحسن أو أسوأ ما فيه، فهو دائما يظهر الناس على حقيقتهم.

كما أشارت السنة النبوية إلى أهميته أيضا، حيث قال صلى الله عليه وسلم

“نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ”

ومعنى مغبون أي مخدوع.

إحترام الإنسان لذاته

وهو يعني تقدير الإنسان لذاته وثقته فيها ورضاه عنها.

مظاهر إحترام الإنسان لذاته:

• عدم تكليفها مالا يطاق، فلا يحملها مالا طاقة لها به ولا قدرة لها عليه، “لا يكلف الله نفسا إلا وسعها “
• العفو عن بعض أخطاءها؛ لأن كل البشر خطاء، فالخطأ طبيعة بشرية خلق البشر عليها؛ لذا قال الله تعالى على لسان رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم “كل إبن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون”
• الترويح عن النفس: لأن النفس إذا كلت عميت، ومعنى كلت أي فترت وأصيبت بملل أو نحو ذلك؛ لذا جاء رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بالحل الأمثل، حيث قال “روحوا عن أنفسكم فإن النفس إذا كلت عميت”

ومعنى عميت، العمي هنا، المراد به عمى البصيرة.

فإن هذا هو حق النفس البشرية على صاحبها، وسلب هذا الحق منها بمثابة قتل لها، وقد قال الله تعالى “ولا تقتلوا أنفسكم”

حيث قتل النفس هنا له معاني، ومنها ظلم الشخص لنفسه، سواء بتحميلها مالا تطيق، أو بعدم بعدم إعطؤها حقها من الراحة ونحو ذلك.

إحترام المكان

وله صور عديدة وأشكال شتي، منها :-

• المحافظة على نظافة المكان وسمعته.
• الإلتزام بقيوده وقواعده وقوانين، سواء أكان مكان عمل أم مكان دراسة أم غير ذلك.
• التماشي مع طبيعة المكان من حيث ما يتطلب من قيم ومبادئ.

إحترام القانون

:ومن صوره وأشكاله الآتي :-

• الدفاع عن الحق، ودحق الباطل، حتى وإن كان هذا يتطلب إلحاق الضرر بالغير، طالما المصلحة العامة تقتضي ذلك.
• إحترام قواعده وقوانينه

إحترام المرور

:-ويتضمن الآتي :

• -تجنب الإزدحام، وعدم مخالفة الإشارات المرورية.
• -تنفيذ العقوبات التي تفرضها لوائح المرور على قائدي السيارات المخالفين لبعض قوانينها.
• -التحلي بآداب الطريق من غض البصر وكف الأذى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

إحترام المسئولية

:-ويتضمن الآتي:

• أداء كل فرد مسئولية عمله على أكمل وجه ممكن.
• إلتزام كل فرد بواجباته، والدفاع عن حقوقه، والمطالبة بها.
• أن يراعي كل إنسان في مسئوليته وجه الله، وأن يتحرى مراقبته والإخلاص له، والإحسان إليه.

ضوابط الإحترام

1. كن أنت.
2. توظيف قدراتك ومواهبك توظيفا مناسبا.
3. تقدير نفسك حق قدرها، فمن لم يقدر نفسه، لن يقدره أحد.
4. إلتزم حدودك، فلا تتدخل فيما لا يعنيك.
5. التواضع فمن تواضع لله رفعه.
6. تحري الأسلوب الراقي في المعاملة، ومراعاة آداب المخاطبة، ولغة الحوار.
7. الحفاظ والعناية بلغة الجسد، والإحتفاظ بنبرة صوت قوية ومميزة، فهى غالبا ما تعكس رؤيتك لنفسك، ومدى ثقتك فيها.

صور وأشكال الإحترام

إحترام أديان الآخرين وآرائهم

حيث نهى الإسلام عن إكراه الآخرين على الدخول في دين الله، حيث قال “لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها”

عدم التعدي على أرواح الآخرين وأموالهم

لأن الأصل أن الأموال والدماء مصونة، فيكون الأصل فيها هو الحظر، وأنه لا يحل لأمرئ مسلم أن يعتدي على روح أخيه المسلم أو ماله إلا بحق، فإن اعتدى على شئ من ذلك بغير حق، كان قد هتك حرمته والعياذ بالله.

وقد قال صلى الله عليه وسلم “إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا”

وقد قال أيضا “كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه”

إحترام أقوال الناس وأفعالهم الظاهرة

بالحكم على ظاهرهم، وعدم التعرض للباطن، فالله يتولى السرائر.

حيث قال تعالى “ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا ”

كما أن الإسلام نهي عن إساءة الظن بالآخرين أو ظلمهم، حيث قال تعالى” ولا تقتلوا أنفسكم “حيث لها معاني، منها :لا يقتل بعضكم بعضا.

والظلم إحدى صور القتل، وقد يكون الظلم متمثل في إيذاء شعور الآخرين أو الإستهزاء بهم.

توقير كبيرهم ورحمة صغيرهم

حيث قال صلى الله عليه وسلم “ليس فينا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا”.

إلقاء السلام عليهم

حيث قال صلى الله عليه وسلم “ألا أدلكم على ما إذا فعلتموه تحاببتم، قالوا بلى يا رسول الله، قال افشوا السلام بينكم”

ثمرات الإحترام

1. الثقة بالنفس وثقة الآخرين فيك بشكل عام.
2. تكوين علاقات قوية مع الآخرين.
3. عدم وجود مشاحنات بين الناس وبعضهم البعض.
4. المكانة الرفيعة في المجتمع.
5. الرضا عن النفس، ومن ثم رضا الرب عنها؛ لأن رضا المرء عن نفسه مستمد من رضا الرب عنها، فمن رضى عنه الله أرضاه عن نفسه.

خاتمة

في الختام أريد التنبيه على ما يأتي:

من صور الإحترام :إحترام آراء الآخرين،وأديانهم وتقبل سنة الإختلاف.

من صور الإحترام :حسن الظن بالآخرين وعدم الإعتداء عليهم بأي نوع من أنواع الإعتداء، سواء بالقول أم بالفعل.

لكي تكون محترما وحتى يحترمك الناس، عليك بالآتي.

كن أنت، وكن بعيدا كل البعد عن التكلف أو التصنع.

إلتزم  حدودك، ولا تتعداها.

التواضع، فمن تواضع لله رفعه.

من أقوى العلامات الدالة على إحترام الشخص الآتي :-

• المكانة الرفيعة في المجتمع.
• رضا المرء عن نفسه، ورضا الناس عنه.
• ثقة المرء في نفسه، وثقة الآخرين فيه.

اقرأ أيضا: كل ما تريد معرفته عن الذات والتصالح معها