الكثير من الناس لا يجدوا متعة في التعلم التقليدي المحصور في الفصول الدراسية، والكتب المدرسية ويتجهوا إلى التعلم الذاتي.
وقد يتواجد عند البعض شغفاً تجاه تعلم مهارة جديدة بعد التخرج، وبالتالي يجدوا في التعليم الذاتي غايتهم للوصول للهدف المنشود.
وفي ظل ظروف الكورونا العالمية اتجه العديد لتطوير مهاراتهم العلمية والذاتية من خلال دورات تدريبية معتمدين على التعلم الذاتي لأنفسهم.
ما هو التعلم الذاتي؟
كل ما تقوم بتعلمه بدافع شخصي خارج المؤسسة الدراسية بدافع المعرفة أو التطوير دون الانقياد لأي اختبارات إجبارية هو تعلم ذاتي.
كل ما تحصله من معارف ومعلومات وثقافات مختلفة خارج المناهج الدراسية المعتادة هو تعلم ذاتي.
تتم عملية التعلم الذاتي أثناء أي عمر فمتى احتاج المرء للتعلم أو التطور سواء أثناء طفولته أو مراهقته وشبابه أو نضجه وتقدمه في العمر حتى الممات، أياً كان عمرك تستطيع أن تتعلم وتصل لكل جديد ترغب بمعرفته.
المميز في التعلم الذاتي أنه يتم بطرق عديدة ويعتبر التعلم عن بُعد هو أحد هذه الطرق والذي توفره العديد من المواقع والمنح.
مميزات التعلم الذاتي
أثناء هذه العملية التعليمية الذاتية ستجد العديد من المهارات تتطور لديك تلقائياً، بينما ستتخلى عن بعض العادات السيئة دون أن تشعر بصعوبة فقدها.
قد تكون هذه المهارات علمية ومعرفية وقد تكون ذاتية وعملية حسب المجال الذي تقرر اقتحامه بهذا التعلم الذاتي.
إدارة الوقت والتخطيط
من أهم المهارات التي عليك تعلمها وإتقانها بشدة، لأنها ستوفر لك الكثير، وخاصة إن كنت صاحب عمل أو طالب وتريد تعلم مجال جديد تماماً عن مجالك الحالي.
في هذه الحالة عليك التخطيط الجيد لكل فعاليات يومك، وتحديد الأولويات وتنسيقها وتوفير وقت خاص لدراسة الشيء المُفضل لك.
الثقة بالنفس
إن كنت من هواة جمع المعلومات والمعارف المختلفة لمجالات متعددة فهذا سيجعلك شخصاً مثقفاً وذو رأي حكيم، وبالتالي ستزداد ثقتك بنفسك، وسيزداد إحساسك بالتميز والقدرة على النجاح.
تحمل المسئولية
قدرتك على الالتزام بمنهج معين وخطة تعليمية وضعتها وفقاً لأهدافك واحتياجاتك، يجعل منك شخصاً ناجحاً في تحمل المسئولية.
فالقدرة على الاستمرار في التعلم دون أي قيود أو إجبار وإخضاع نفسك لاختبارات الكترونية تقيس مدى تحصيلك الفعلي هو أكبر دليل على تحملك للمسئولية.
التأقلم والتطور المستمر
يتيح لك التعليم الذاتي فرصة التعلم مع مدربين ومحاضرين متنوعين سواء في طريقة الشرح أو الجنسية أو اللغة.
وهذا يجعل منك شخصاً قادراً على التأقلم مع الشخصيات المختلفة، وبرمجة عقلك على استقبال كل جديد إيجابي والاستفادة منه.
هذا التنوع الكبير يساعدك على الوصول لقدر أعلى من التطور العلمي والمعرفي والثقافي في وقت قصير أو حسب معدل تحصيلك.
لماذا نلجأ إلى التعلم الذاتي؟
- يلجأ البعض للتعلم الذاتي هروباً من ملل التعليم التقليدي، حيث التلقين والإجبار على تحصيل مواد دراسية لا تستهوي الطالب.
وقد يلجأ له بعض الطلاب لدراسة شغفهم الفطري بعيداً عن تلك المواد الإجبارية في المدارس والجامعات، والتي فُرضت عليهم بسبب النظام التعليمي للدولة المنتمون لها.
- يلجأ له البعض لمسايرة كل العلوم والمعارف الجديدة التي تظهر بشكل مستمر في مختلف المجالات.
ليس عليك الإلمام بكافة العلوم والآداب، ولكن كن حريصاً على متابعة كل الجديد في مجالك العملي والمجالات التي لديك شغفاً تجاهها.
- يلجأ لهذا النوع من التعليم هؤلاء العاملين بمجال ما بغرض تطوير أنفسهم والحصول على الترقيات والعلاوات المالية.
حيث ينعكس تعلمهم لمعلومات ومهارات جديدة على أداءهم في العمل مما يميزهم عن أقرانهم في نفس مؤسسة العمل.
- عندما حدثت لعنة الكورونا العالمية اتجه العديد للتعلم الذاتي بهدف تطوير بعض المهارات الاجتماعية أو الذاتية لأغراض شخصية بعيدة عن الدراسة أو العمل.
- إن كنت ممن يعانون بعدم قدرتهم على التأقلم مع النظام التعليمي التقليدي، وعدم مراعاته للفروق الفردية بين الطلاب في التحصيل والاختبار، فالتعليم الذاتي هو الملاذ الأفضل لك.
مهارات التعلم الذاتي
لكي تصل للاستفادة القصوى من هذا النوع من التعليم عليك التمتع بعدة مهارات أساسية وتطويرها لمستويات أعلى باستمرار.
مهارة التحفيز الذاتي
هي مهارة أساسية ولازمة وتعتبر الأساس لنجاح عملية التعلم، فلو فقدت الرغبة على الاستمرار وتعلم كل جديد ستفشل في هذا النوع من التعليم وسيناسبك أكثر التعليم التقليدي الإجباري.
حفز نفسك باستمرار وكافئها كلما تعلمت شيئاً جديداً أو حصلت على أحد الشهادات الخاصة بدورة تعليمية ما حصلت عليها من خلال التعلم عن بُعد.
إن فقدت الرغبة في الاستمرار لبعض الوقت ابحث عن موضوعات جديدة تثير فضولك المعرفي وتجدد رغبتك في التعلم الذاتي.
الموقع أو الطريقة التي تستخدمها له أثر كبير في تحفيزك فما يناسبك قد لا يناسب غيرك وما يناسب غيرك قد لا يناسبك فاختر الأفضل لك والذي يحفزك على الاستمرار والتعلم.
مهارة التخطيط الجيد
التعلم الذاتي ليس عملية عشوائية كما يظن البعض، بل يخضع لخطة تعليمية يقوم الفرد بوضعها بنفسه حسب وقته وقدرته على التحصيل والاستيعاب.
عند وجود الرغبة في اقتحام هذا التعليم عليك وضع مجموعة نقاط رئيسية وخطوط عريضة حتى لا تشرد عن هدفك الأساسي.
فتجد نفسك تبحث وتتعلم في مجال البرمجة اللغوية، وأنت في البداية كنت تهدف لدراسة وتعلم سيكولوجية الطفل والتربية الإيجابية، وذلك بسبب عدم وضع خطة واضحة لمسيرتك التعليمية.
التخطيط الجيد ليومك وترتيب أولوياتك يجعل لك مساحة من الوقت تستطيع فيها التعلم، والبحث عن المعارف الجديدة التي تستهدفها وبالتالي تحقيق هدفك في الوقت المحدد.
مهارة الثبات الانفعالي والاستمرار
التعلم الذاتي لا يخضع للرغبات الشخصية المطلقة التي قد تطيح بمجهود وقت طويل في لحظة يأس أو غضب من شيء ما.
لذا عليك تطوير مهارة الثبات الانفعالي والفصل بين رغباتك الشخصية وهدفك في التعلم والالتزام به كعملك أو أي شيء هام عليك المحافظة عليه.
التعلم لا يقف والمعرفة لا تنتهي فلا تظن أنك ستصل للنهاية فكلما تعلمت شيئاً ظهر العديد من الأشياء الجديدة التي ستحتاج لتعلمها، لذا عليك الاستمرارية في مواكبة كل جديد دون ملل.
مهارة متابعة النتائج والاختبار الذاتي
لن يكون منطقياً بعد قضاء فترة في التعلم والتحصيل أن لا تختبر معلوماتك، لذا عليك البحث المستمر عن التطبيقات الخاصة بالاختبارات لتقييم نفسك وتقبل مستواك والعمل على تحسينه.
الاختبارات في التعليم التقليدي تمثل عبئاً على الطلاب وتضعهم تحت ضغط وقد يكون وقت الاختبار غير مناسب لسبب أو لآخر، ولكن في حالة التعلم الذاتي ستتمكن من اختيار موعد اختبارك حسب ما يناسبك.
مصادر التعلم الذاتي
لأن التعليم هنا يكون حسب رغبة الفرد واختياراته الخاصة ومراعاة الفروق الفردية لكل شخص فنجد أن هناك اختيارات عديدة للفرد.
قديماً كان مصدر التعلم الوحيد هو الكتاب ولكي تحصل على كتاب عليك السفر أو التوجه لأقرب مكتبة لمدينتك وهذا يكلفك الكثير من الأموال والمجهود.
ثم ظهر الانترنت ليوفر علينا الكثير ويفتح لنا آفاقاَ لم نكن لنعلم عنها شيئاً لولا هذا الاختراع العظيم الذي يمكن من التطلع على كتب في دول أخرى من خلال ضغطة زر واحدة.
- الدورات التدريبية
حيث يختار المتعلم الدورة التدريبية التي تناسب وقته وامكانياته بل ويختار المحاضرين ويمكنه طلب تغيير المحاضر إن لم يشعر بالارتياح معه.
يوجد العديد من الشركات التي تقدم دورات تدريبية مجانية أون لاين في مجالات متعددة ويعتبر موقع best online courses هو الأشهر لتقديم هذه الدورات بشكل مستمر.
الجدير بالذكر أنه يمكنك معرفة محتوى أي دورة قبل التقديم لها ومعرفة أي مستوى تخاطب هل مبتدئين أم مستوى احترافي، كما يمكنك معرفة آراء السابقين ممن التحقوا بالدورة.
وهذا يجعلك تستثمر وقتك ومجهودك في التعليم الصحيح دون إهدار طاقة أنت أولى بها لتعلم كل جديد.
- اليوتيوب youtube
قنوات اليوتيوب منصة الكترونية لها الفضل الكبير على الكثير من المتعلمين حيث توفر فيديوهات مصورة تشرح طريقة لتعلم كل ما يخطر على بالك.
تريد تعلم الرسم، الخياطة، التطريز، العزف الموسيقى، الديكور، الصناعات اليدوية المختلفة، الأعمال الحرفية بكل أشكالها كطلاء الحوائط وأعمال الكهرباء البسيطة كتغيير اللمبات وغيرها.
كل هذا وأكثر ستجد له العديد من الفيديوهات التفصيلية التي توضح كل خطوة دون أي مقابل مادي تدفعه.
اليوتيوب عالم لا غنى عنه في رحلتك خلال التعلم الذاتي وإن بلغت من العلم ما يكفي قم بعمل قناة خاصة بك وانقل ما تعلمته لغيرك فزكاة العلم نشره.
مواقع التعلم الالكترونية
انتشرت هذه المواقع بشكل كبير على مستوى العالم وتقدم دورات تدريبية الكترونية خاصة بها بلغات مختلفة لخدمة أكبر عدد من العملاء.
والكثير من هذه المواقع تقدم خصومات كبيرة أو أكواد خصم على بعض الدورات التدريبية كنوع من الدعاية لها.
تنقسم هذه المواقع إلى قسمين،
المواقع العربية
تهتم بتقديم محتوى علمي باللغة العربية يخدم كل المواطنين المتحدثين بالعربية على مستوى العالم كله.
من أمثلة هذه المواقع والأشهر في الوطن العربي:
منصة نفهم لشرح المناهج الدراسية
منصة مهارة للعلوم والمهارات
المواقع الأجنبية
تهتم بتقديم محتوى علمي باللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية وغيرها من اللغات الأحنبية المنتشرة حول العالم.
بالإضافة للعديد من مواقع الجامعات على مستوى العالم والتي تقدم مناهج ومواد دراسية مفتوحة لمن يرغب أن يتعلم ذاتياً عن بُعد.
الكتب والمكتبات الالكترونية
لأن الكتب هي مصدر المعرفة الأصلي والذي يستمتع به الكثير من راغبي العلم والمعرفة فكان على الكتب أن تساير التكنولوجيا وتتحول للكتب الالكترونية التي يستطيع أي فرد الحصول عليها وقراءتها.
توجد العديد من الكتب بصورةPDF وقد تكون بمقابل مادي أو مجانية وبناء عليه ظهر ما يسمى بالنشر الالكتروني والمكتبات الالكترونية.
مصادر العلم كثيرة ولا حصر لها فالخبرات الحياتية هي مصدر تعلم ذاتي والمواقف والأشخاص الذين نقابلهم، كل ما عليك هو انتقاء الأفضل من كل المصادر وعدم تضييع وقتك في طريقة تعليم غير مفيدة لك.
الخلاصة
لا تتوقف عن التعليم واكتساب العلوم والمعارف المتنوعة واختر الطريقة الأفضل لك لتطوير عقلك وتفكيرك.
العلم كنز ومتعته في رحلة تحصيله وكيفية استيعابه بالشكل الذي يليق بك فلا داعي لترك التعليم بسبب معلم قاسي أو مادة دراسية لم تجد من يشرحها لك بطريقة مبسطة وسهلة تناسب قدراتك وفروقك الفردية.
تعلم واستمر في التعلم ستكسب أكثر من المتوقع وستحترم ذاتك المثقفة وعقلك المستنير سيكون سنداً لك يقدم لك الحلول والأفكار في أي مشكلة تقابلك.
