الحب المرضي
كل بنت مرهفة المشاعر كانت تحلم بقصة حب، كانت تحلم بفارس الأحلام الذي يأتي على حصانه الأبيض ليأثر قلبها بحبه، وينتشلها من حزن الماضي.
هذا ما جعلها تتعلق به قبل أن يأتي، وجعلها تخزن مشاعرها منتظرة مجيئه، وحين يأتي تسرع لتفرغ فيه طاقة الحب المختزنة بداخلها، فتغرقه بالحب ولا ترى فيه إلا الحبيب المخلص، ترى بعين قلبها ولا ترى بعقلها شيء.
وينكر عليها الكثير هذا الحب الأعمى وهي ترى فيه ما لا يرون.
حتى ينتهي بفارس أحلامها درجة من الشبع من هذا الحب، ويقرر أن يهرب من هذه التخمة من الحب، فمع الحب المفرط ينسى الإنسان نفسه ويندمج في شخصية من يحب، فلا يكون له وجود حقيقي ويصبح خيال له، يحب ما يحب ويكره ما يكره ينسى أحلامه، ويسعي لتحقيق أحلام حبيبه.
فهذا الفارس لم يعد يرى حبيبته فأصبحت مسخ منه، ليس لها أهداف ولا رأي وأصبحت اعتمادية عليه في كل شيء.
تسأله عن كل شيء يخصها تفعله أم لا، تريد أن يتكلم معها بالساعات ويتفرغ لها، تعلمه بكل ما تفعله، وتأخذ برأيه في الصغيرة قبل الكبيرة، يريد أن يذهب معها في كل مكان تذهب إليه، تقريباً يفكر هو بدلاً عنها في كل شيء.
كما أنه أصبح لا يحب أن يتكلم معها فهي لا تناقش حتى لا تزعجه، ولا ترد له أمراً مهما كان حتى لا يحزن، ولكنه يرى من منظور آخر هذه المواقف، وكأنه يكلم نفسه لا يسمع إلا صدى صوته.
الحب المرضي
فما هذا الملل القابع في هذه العلاقة؟
يريد أحد يتحدث معه يناقشه ويأخذ برأيه.
يريد أن يتبادل الحديث مع أحد.
يريد أن يكون هناك رأي آخر حتى يصل بالحوار لأفضل النتائج، كما أن هذه الحبيبة أصبحت تغار عليه بشدة ولا تريد أن يتكلم مع أحد فحبها حب امتلاك.
فهي تسأل على كل تفاصيله متى نام، متى أكل، ماذا فعل، أين ذهب، مع من يتحدث، وهذا مرهق جداً يشعر معه بالمراقبة وعدم الحرية وبالتتبع ويشعر وكأنه طفل صغير يحتاج لوصاية على أفعاله.
من هنا أقول لكِ أن خير الأمور الوسط، فلا تغل يدك إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماَ محسوراَ.
ملام على هذا الفعل من الإسراف، ومحسور علي نتائج أفعالك، فلتعلمي ما هو الحب الصحي، وما الفرق بينه وبين الحب المرضي؟
فالحب علاقه تكاملية وليست علاقة تطابقية، لكل طرف داخل العلاقة مساحة من الحرية، وفي مساحة مشتركة بين الطرفين
يتقابلان فيها ويجمعهما كثير من الأمور المشتركة.
ولتعلمي أن علاقة الحب الصحية فيها المحب لا يخنق حبيبه، فهو ليس بوصي على تصرفات من يحب، وإنما يكون مرآته يعطيه رأيه حين يسأله فهو شخص بالغ قادر على اتخاذ قراراته بمفرده.
والحب أمان واطمئنان، واذا لم تكوني سعيدة بمفردك، فلا أحد يستطيع أن يسعدك، فأنت تملكين مفاتيح سعادتك وأنصحك ألا تضعيها في أيدي أحد غيرك.
تعلمي كيف تسعدي نفسك، وسوف تكوني أكثر سعادة في وجود من تحبين، وستذوقي كل يوم الحب، لا تكوني فارغة من الداخل تريدي من يأتي ليملأكِ.
كوني واحد صحيح، ولا تكوني نص مستقيم في حرف T حتى إذا تخلى عنك الواحد القائم بحرف T تقعي علي الأرض، الله خلقنا كاملين وكوني في علاقة كحرف H.
كل واحد صحيح قائم بذاته ويربطهما رابط مشترك.
اقرئي أيضاً: هل قابلتي دراكولا الطاقة من قبل؟
