منذ طفولتي وأنا اتعرض إلى العنصرية، فكنت عندما ألعب مع جيراني أو أصدقائي في المدرسة، يُقال لي كلاماً جارحاً بسبب لون بشرتي السمراء، فكثيراً كنت أسمع كلمة شيكولاتة.
لم أكن أيقن في هذا الوقت بأن ما اتعرض إليه يسمى عنصرية، كنت أتعامل ببراءة ولا أجد ما أقوله.
أذهب إلى والدتي وأخبرها، فتحتضني وتواسيني، وتخبرني بأنه لا يوجد شخص على وجه الأرض لا يحب الشيكولاتة، فأسعد بذلك بكل سذاجة ممزوجة بعفوية.
مرت الأيام وانتقلت مع أسرتي للعيش في دولة عربية شقيقة، هناك فوجئت بعنصرية من نوع آخر.
عنصرية تعتبر أي شخص لا يحمل جنسيتهم أجنبي، ووجودي بهذا البلد غير مرحب به نهائياً، فأنت كأجنبي تزاحمهم في موطنهم وفي رزقهم.
بالطبع يوجد أشخاص يتعاملون برقي، وعلى علم بأهمية وجودك في تطوير وتقدم بلدهم، ولكن هذه المجموعة ضئيلة جداً بالنسبة للباقيين، فكنت دائماً اتعرض لكلمة أجنبية في المدرسة وغيرها.
وكنت أعتقد أن هذا التعامل يقتصر على الوافدين، ولكن مع الوقت وجدت أنهم يتعاملون مع بعضهم البعض بتعالي.
تنتشر العنصرية والقبلية فيما بينهم بسبب اللون والمستوى الاجتماعي، فكل قبيلة تتكبر على الأخرى وتجد نفسها الأعلى والأفضل.
وانتقلت إلى بلد ثاني، وهناك وجدت العنصرية والقبلية تأخذ منحنى آخر.
بالرغم من أن أغلب أهل البلد من أصحاب البشرة الداكنة، وإن أهل هذه البلد يتميز بالطيبة والتماسك فيما بينهم، إلا أن التمييز العنصري منتشر بشكل غير لائق، فنجد أصحاب البشرة الفاتحة يتعرضون لعنصرية أيضاً.
هذه العنصرية موجودة في بلدي الحبيب أيضاً، وعند فئات مختلفة، ونجد أبناء الجنوب أكثر الأشخاص تعرض للعنصرية ممن حولهم.
فهم أكثر الأشخاص عنصرية فيما بينهم، فهم للأسف لا يتعاملون مع بعضهم تحت مسمى أبناء البلد أو العرق الواحد، ولكن نجد كل بلد وكل قبيلة تتعامل مع الأخرى بعنصرية.
بالتأكيد كلامي سوف يضايق الكثير من الأشخاص، لكن هذه هي الحقيقة.
وهذا ما تعرضت له بعد رجوعي إلى مصر مرة أخرى، بعد سنوات من الاشتياق إلى بلدي الحبيب، لأجد العنصرية بأبشع صورها في استقبالي، ولكن بأشكال مختلفة، بدءاً من مناداتي باسم جديد، مرورواً بأنكِ من قرية كذا وأنا من قرية كذا.
الخلاصة
لابد من محاربة العنصرية، وحتى نستطيع التخلص من العنصرية الخارجية، يجب علينا أن نتخلص من العنصرية الداخلية.
يجب أن يتعامل أبناء البلد الواحد بدون عنصرية وقبلية، يجب أن يتعامل أبناء القبيلة الواحدة بدون عنصرية.
يجب أن نربي أبناءنا على الاختلاف وكيفية تقبله، وأن الله خلقنا مختلفين في الشكل واللون وكل شيء، وأنه لا يوجد شخص أفضل من الآخر مهما كان الاختلاف بينهم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود، ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى“.
اشتري الآن: كتاب ألم ألوان