فنٌ أم همٌ وغمْ؟
حزنٌ على ما فات أو قلقٌ مما هو آت؟
رسالة سامية أم غوغائية وهمجية دامية؟ لتدمير أجيال حالية ومستقبلية!
صدفةٌ أم خطة؟ لهدم كل المبادئ والركائز الأخلاقيه والدينية السامية لكل الديانات السماوية.
الفن في الماضي
تنظر للماضي القريب للغاية من بضع سنوات فقط فترى الفن رسالة هادفة ممتعة، تأخذك لعالم سحري تعلو فيه الفضيلة والأخلاق، تأسرك فيه الكلمة وجمالها، سواء كان العمل فيلما أو مسلسلا أو أغنية.
وحدة قائمة على الرسائل غير المباشرة وإعلاء الحق وإنتصار القيم في النهاية، لا أقصد النهايات السعيدة، ولكن المقصود هنا إرساء الأصل في الأمر حتى لو حادت النهاية عن السعادة.
فتعيش حالة الدفاع عن الحقيقة والإعتراف بالفضيلة كفضيلة والرذيلة كرذيلة، فنٌ من الممكن أن تجد نهايته آية قرآنية أو حكمة نبيلة لتعايش ركائز حياتك متجسدة في ما تشاهد أو تسمع من فنون.
جيلنا تربى على هذه القناعات والأفكار، اعتنقتها أرواحنا وعقولنا واحتوتها قلوبنا، وفجأه في غفلة من الزمن ضاع جيلنا بين ماض ماتع وحاضر مائع، يحاول الخلاص وهو يحتضر لينقذ هوية طفله قبل فوات الأوان.
من نشأ في عالم مهووس بالسرعة والتكنولوجيا التي سرقته من الحياة نفسها، فلم يستمتع بشمس وجيرة وجري ودراجة لها أثر على ركبتيه جراء السقوط أثناء اللعب بها، ولا بقرآءة قصة أو كتاب ينور روحه وعقله.
طفله الذي نضج قبل أوانه ككعكة احترقت ومازال قلبها عجينا طريا لم يذق طعم النضج فلا اختبر الحياة ولا الحرية، أطفال اختزلوا عمرهم بأسرع ما يمكن فيمكنهم سماع رسالة سجلوها في نصف وقتها فقط بتقنيات حديثة، وأصبحت أكبر أحلامهم عبور مراحل عمرهم بسرعه كمستويات ألعابهم الإليكترونيه.
جيل تم تصدير القدوة لهم في صورة نماذج ملتوية ونمبر ون بدلاً من نماذج واقعية شريفة عفيفة ملء السمع والبصر، تتحرى الحلال والحرام وأنجبت للمجتمع من كدها وشقائها الأطباء والأدباء.
جيل هش أصبحنا نخاف عليه من الحرارة والبرودة كأنه فراشٌ رقيق وليسوا بشر!
جيل لم يرّ الأخلاق ولا الإلتزام حتى بأبسط الأدوات وأعمقها تأثيراً كالفن، الفن الذي دُس فيه السم في العسل بكل طريقة ممكنه ليحيدوا عن الطريق، لينسوا الأصل ويصبح بدعة عندهم، لتمييع و تقليل المهم وكل ما له قيمة، وتضخيم وتفخيم الضئيل الزائل إلى سراب.
وسلب الوقت للكبار والصغار على حد سواء بالسوشيال ميديا و الألعاب الإلكترونية والبلايستيشن في ظلام غرفهم هو هدف الحياة الأوحد، وتحديات في الألعاب هدفها حصد أرواحهم حرفيا بالموت.
جيل أصبح إثبات الذات والتباهي بكل شيئ من الإبرة للصاروخ هو الآفة الأشد وبالاً على الجميع فلا يرضى بحاله إلا القلة القليلة ممن رحم ربي، أصبحت المظاهر هي مقياس لقيمة الإنسان أما جوهره فلا يزن للأسف حتى جناح بعوضه.
وهنا يأتي دور الفن الذي فُرض علينا فرضا، وشربناه رغما عن أنوفنا، فنون لا يجوز تسميتها بهذا الإسم أبدا، فلنقل إنها تجارب أداء أقل ما يقال عنها أنها عجيبة في الشكل و المضمون، من عزف لأصوات وأفكار ومشاهد لا تمت بصلة لقيمنا وأخلاقنا وأصولنا وعاداتنا وتقاليدنا وتراثنا ودياناتنا السماوية.
من المسفيد من هذا الخلل؟ من ورائه؟ من يحرص على إخراج هذه الأجيال بهذه الطريقة الممسوخة فاقدين لأي هوية أو قومية دينية وعربية؟ من لغه لمظهر لفكر وتصرف!
أين الرقابة الفاعله المنفذة لمهامها الموكلة بها؟ أهذه هي الطريقة لمساعدة الآباء والأمهات في تنشئه هذا الجيل! بتحميلهم هموم إضافيه في محاربة هذه السموم؟ أم بتقديم يد العون والمساعده في تربيتهم بفنون لائقة ومناسبة لكل سن وفئة؟
من المسئول عن حدوث صحوة ودفعها والسعي ورائها لنساعد أنفسنا أولا ثم نسخنا المصغره في تصحيح المسار والعودة للطريق القويم؟ من يقود المسيره ويبدأ ويأخذ زمام المبادرة ويأخذ أجر كل من يقاوم ويقوم؟ من لها؟
ما زال الله ينجينا من المهالك من فيروسات وزلازل، وما زلنا لا نعتبر للرسائل لندرك أننا في الطريق الخطأ، حتى ننتبه ونغير الوجهة، فنقر الصحيح ونلفظ الخطأ ونتمسك بالدين، أصبحنا نخاف قول الرأي السديد لأننا سّنُهاجم.
اِستُضعِف الحق وامتهن، واستقوى الباطل واستفحل، انقلبت الآية وأصبح الخطأ صوابا والصواب خطاً لم يبق لنا إلا شروق الشمس من مغربها.
كنت أتمنى أن يكون التطور في صالح البشرية جمعاء، للنور و الضياء، ولكنه تطور بنكهة العودة للجاهلية التي نظلمها معنا في هذا التشبيه، تطور مؤذ لأم وأب يحاولوا أن ينجوا بأولادهم من هلاك الفن.
يحاصرهم كالعشب الضار من كل مكان فلا نجاة من لعبة أو فيلم أو مهرجان، فيحصد كل ما زرعوه اولاً بأول بدلاً من أن يكون عونا في التربية القويمه والإرشاد السليم.
اقرئي أيضا: 3 أخطاء في التربية تجعل من طفلك مريض نفسي
دور الفن الأساسي
أتحدث هنا عن القيم والأخلاق، عن الأصل والتقاليد والأعراف التي لا يختلف عليها دين، ولا عاقل سليم الفطرة والنفس، أتحدث عن الخجل والحياء، عن الإحتشام عن نظافة القلب واللسان.
أتحدث عن الصدق وطهارة اليد والجسد، أتحدث عن الحرمات، أتحدث عن الأسرار العائلية عن حرمات الله عن الاختلاط، أتحدث عن تعظيم شعائر الله وإنكار المنكر وإقرار الحق.
أتحدث عن مسلسل المال والبنون، وأبنائى الأعزاء شكرا، والشهد والدموع، ويوميات ونيس، ومسلسل ليه لأ، أتحدث عن أفلام تنتهي بآية قرانية كفيلم جري الوحوش والعار، وأفلام ليست بالماض السحيق كصعيدي في الجامعه الأمريكية وإسماعيليه رايح جاي وعسل اسود.
فن لابد أن يترك بصمته على روحك وأن تخرج منه بشيئ ما يظل معك للأبد.
وهنا أتعجب! واتسائل؟ كيف من الممكن أن يتحول ممثل كان في الماضي القريب يقدم فناً إلي حد ما يعرض ويناقش بُرقي قضايا تهم المجتمع إلي ممثل يقدم هماً يهدم ويشوه القيم والأخلاق؟
كيف هان عليه تاريخه وأولاده بعد أن أصبح أماً او أباً؟ واستسهل الإنفلات والإنحلال فمهما بعدت عنه وعن أولاده النار حتما ستدركه لأنه أصل الشرار .
أصبحنا نعيش بأن (كله عادي، وإيه يعني؟ و هيجرى ايه؟) وبمبدأ النعامة بدفن رأسها في الرمال، (ولا أرى لا أسمع لا أتكلم، وأنا مالي).
أخطاء قادت لأخطاء أكبر، زمن سقطت فيه القدوة واعتلت عرشها الفتن والضلالات وتحطيم الثوابت.
الخلاصة
نسينا قوة النية الطيبة التي ربما بجملة تُغير مستقبلاً لطفلة مع زوجها عندما ترى والدها يحث والدتها على الصلاة ويُتبعها بجملة (بحبها عايزاها معايا في الجنة).
زرع بهدوء قيمة العبادة والحب في قلب ابنته للصلاة ولزوجها في حياتها المستقبلية.
وربما بنية موقف صادق من القلب كسيده تترك مهامها في المطبخ التي شارفت على الإنتهاء لتدرك صلاتها على أول الوقت وتوافيها المنية أثناء السجود، فتؤثر في ابنتها فتحكي ما حدث وتؤثر في كل من يسمع فيسرع ويهم إلى الصلاة فور سماع الأذان إقتداء بها وعبرة لما حدث معها.
دعونا نتخيل أن الفن أصبح فناً وأنه يعرض هذا الجمال، أنه ينتقي الكلمات والأفكار، دعونا نترك الحديث عن القيم والأخلاق ونراهم في تصرفاتنا أولا ثم في تصرفات من حولنا.
دعونا نأمل أن نشاهد هذا اليوم عما قريب فنسعد به ونستمتع، وأن يتجلى في عالمنا سريعا بسهولة ويسر بقوة نوايانا جميعا وأن يصبح الفن فناً وليس هماً.
اقرئي أيضا: مواصفات الزوج الصالح