المقارنات ظاهرة كثرت بين أفراد المجتمع خاصة وبين المجتمعات عامة، ولا شك أنها ظاهرة شديدة التدمير والقسوة لصاحبها؛ لأنها توحي بأمرين:
الأول: عدم رضا صاحبها عن نفسه، والثاني: طمعه فيما في يد غيره، لذا يفقد القناعة بما في يده، فيخسر ويتيه فى الضلال.
ولعل السبب من وراء المقارنات هو وسوسة الشيطان للإنسان، فالشيطان يفتح باب المقارنات، كي ييأس صاحبه، فيصل لحالة الكفر بالنعمة والعياذ بالله.
وهذه هى غاية الشيطان أن يوقعك في مثل ما وقع فيه من كفر، حتى لا يتعذب بمفرده؛ بل لأنه عدو لله وللدين، إلا أن الإنسان حتى لا يضعف أمامه بسهولة، عليه أن يعلم أن الشيطان ليس له سيطرة ولا سلطان على عباد الله المخلصين، لم يقل القرآن المؤمنين، بل قال المخلصين، لأن الاخلاص درجة تعلو على الإيمان.
قال تعالى “قال فبعزتك لاغوينهم أجمعين (.) إلا عبادك منهم المخلصين”
المقارنات صحية أم لا؟
المقارنات غير صحية؛ لأنها سبب في إشاعة الحقد والضغينة بين الناس، لما فيها من تتبع عيوب الآخرين، ولما تتسبب فيه من الشعور بالنقص لدى صاحبها، لذا كانت المقارنة الصحية هي مقارنة الإنسان بنفسه، ليعرف إذا كان هو الآن في حالة أفضل مما كان عليه سابقا وفي الماضي أم أنه واقف مكانه ولا يتحرك، أو يتحرك ولكن ببطئ فهى بمثابة مؤشر على أنه سائر على الطريق المستقيم أم لا.
“المقارنات فخ ابلبيس اللعين لبني آدم”
الشيطان همه الوحيد إيقاع العداوة والبغضاء بين الناس، قال تعالى “إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء”، وذلك يتم من خلال بث روح المقارنة بداخله.
كن أنت
من أقوى طرق علاج الفروق التي بيننا وبين بعضنا أن يقتنع الإنسان بذاته وأن يكون هو، وليس مقلدا لغيره الذي فضله الله عليه، فقد قال تعالى في كتابه “ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض”
المفهوم الصحيح للطبقية
الطبقية مصطلح إجتماعي، مستمد من واقع الكثير، ومتوقف على مكانة الإنسان في المجتمع، لذا عندما نقول مجتمعنا مجتمع طبقي يعني أنه يعتمد على الفروق الإجتماعية وليست الفروق الفردية من مواهب وقدرات ومبادئ وما إلى ذلك.
الحكمة من تفضيل بعض الناس على بعض
ليست الحكمة من التفضيل هي التمييز بين الناس، وليس التفضيل في الدنيا معيار وضابط حقيقي لمكانة الإنسان الحقيقية، وهي مكانته عند خالقه، بل تكمن الحكمة في “الإبتلاء والإختبار”
حيث قال تعالى “ورفعنا بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم”
بمعنى أن الله يختبرنا بتفضيل بعضنا على بعض، ليرانا أنصبر أم سنجزع وسنسخط.
ليرانا أنحكم على بعضنا من خلال هذا المعيار الدنيوى غير الدقيق أم سنفتح أعيننا وسنحكم من خلال أشياء جوهرية، هي عين الإعتبار في مثل هذا الأمر، كالمبادئ، والسلوكيات، والأعمال الصالحة، ومدى نفع الإنسان للمجتمع أيا كانت مكانتة الإجتماعية أو وظيفته، وما إلى ذلك من مواهب وقدرات.
معايير التفاوت والتفاضل بين الناس
معيار التفاوت والتفاضل الحقيقي بين الناس يقاس بالتقوى والعمل الصالح، كما قال الله تعالى “إن أكرمكم عند الله اتقاكم”
وكما قال صلى الله عليه وسلم “لافرق لعربي على أعجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح”
فالتقوى كناية عن الأخلاق، ولم لا، فهى عين الأخلاق.
والعمل الصالح يعني النافع، والذي يقاس بجودة العمل، ومدى كفاءة صاحبه فيه،ويقاس أيضا بمدى صعوبة العمل ومدى بذل الجهد فيه.
الواجب علينا اتجاه من هم أعلى منا
أن نحترمهم ونضعهم في المكان الذي وضعهم المجتمع فيه، دون مبالغة أو تباهي أو تفاخر بهم، فالوضع الإجتماعي معيار دنيوى وإن كان حقيقي إلا أنه غير دقيق ، إلا أننا مطالبين بأن نضعه في الإعتبار؛ وذلك حفاظا على زهرة الحياة الدنيا، وإحتراما لقوانين الحياة التي هي من تجمعنا،واحترامها يعد هو السبب الوحيد في
بقاؤنا أكثر قوة وسعادة عليها.
الواجب علينا اتجاه من هم أقل منا
أن ننظر إليهم بعين الإحترام ، وبدون احتقار، بأن ننظر إلى حقيقتهم لا إلى ظاهرهم الذي يبدو أحيانا غير مشرف، فالله كرم الإنسان تكريما شديدا على كل المخلوقات، ولكنها فتنة، فتجلد وكن على استعداد لمحاربتها حتى تكسب دنياك وآخرتك.
التكييف الصحيح بين نظرة المجتمع ونظرة الدين لمعايير التفاوت والاختلاف بين للناس
المجتمع ليس متضاربا مع الدين، فالدين هو الحياة والحياة هي الدين.
ولكن إذا تأملنا نجد أن المجتمع ينظر من زاوية والدين ينظر من زاوية أخرى، إلا أنهما في النهاية يصبوا في نفس المحل والموضع.
كيف ذلك!
إن المجتمع ينظر دائما إلى الصورة الخارجية وما هو ظاهر وجلى للجميع وللجمهور، فهى وإن كانت نظرة قاسية إلا أنها محقة في الحقيقة.
أما الدين فدائما يركز على الأصل في كل شئ مهما كان بسيطا كمبدأ بسيط، أو موهبة صغيرة أو أو، فغدا سيتحول المبدأ لسلوك نافع، والموهبة ستكبر وتنمو حتى تكون سببا في شهرة صاحبها وجعله علما بين الناس، وهذا كله تعتقد لماذا؟
لأن الدين يسعى دائما لأن يرفع الروح المعنوية ويشعر الكل بقيمته من الداخل، فترتفع الهمم وتعلو الغايات فنصل جميعا لما نستحق أن نصل إليه من قمم.
فيكون بذلك الدين هو الأم والأساس، وهو الأولى بالإتباع ليس لموضوعه ومنهجه فقط، بل لأساليبه وتعاليمه، فالمهنج واحد، والأسلوب والتعاليم مختلفة.
الخلاصة
- إذا كنت مريض بداء المقارنات فوظفه توظيفا مناسبا بأن تقارن نفسك بنفسك وليس بغيرك.
- الحكمة من تفضيل بعضنا على بعض هو الأبتلاء والإختبار، لأن التفضيل في حد ذاته فتنة.
- الدين هو الحياة إلا أن منظور الدين يختلف عن منظور الحياة، فمنظور الحياة قاسى وغالبا ما يكون سطحي، بخلاف منظور الدين فهو منظور رحيم، ودقيق وعادل.
اقرأ أيضا: كيف السبيل إلى السعادة من خلال العطاء؟
[…] اقرأ أيضا: 3 أخطاء في التربية تجعل طفلك مريض نفسي […]