من أنت الآن؟
هل أنت الماضي أم الحاضر؟
هل أنت اليوم أم الغد؟
هل أنت الحاضر أم المستقبل؟
وما هذا اليوم؟
هل مررت بتلك اللحظة؟
هل تعلم ما أهميتها؟
إنه يوم سعدك مهما كان ألمك.
هو يوم يمر في حياتك، يوم ليس كأي يوم.
تصبح بعده شخصًا آخر، تصبح ولكن ليس كما أمسيت.
إنه يوم خروج النرجسي من حياتك.
تتحول إلى النقيض. تستطيع القول إن حياتك تنقلب رأسًا على عقب، أو تقول لو شئت إنها تستقيم إلى النور والصواب.
كنت في عتمة، وبعدها ستصبح كل الأشياء حولك مضيئة، مشعة، منيرة.
تتضح الرؤية بعدها، وتكون لك بصيرة نافذة، وعين ثاقبة، ورؤية واضحة تمامًا كأنك تراها رأي العين.
الجرد ومراجعة حياتك:
تعرف بعدها أين كنت وإلى أين أنت ذاهب، ماذا تريد، وماذا تحب، وما أهدافك وخططك المستقبلية، وما مسعاك وخطاك حتى تصل.
تعلم حينها من الصديق ومن العدو، من القريب ومن البعيد، من يريد المصلحة ومن يريد المصالح.
ستكون قادرًا حينها على حسم هذا الخلاف: أقترب أم أبتعد؟ أأهجر أم أصل؟ وأثناء هذه الحيرة، ستجد تلقائيًا هؤلاء الأشخاص يخرجون من حياتك الواحد تلو الآخر، دون جهد، ودون عناء، ودون مشقة، وبكل سهولة ويسر.
ستعلم دوائرك القريبة والبعيدة، المهمة والمهملة.
سيتقرب منك الصادقون، الرائعون، الملهمون، المهتمون لأمرك، الذين يريدون الخير للبشرية جمعاء، أصحاب النوايا الطيبة الذين يحملون الحب والسلام والأمان والإخلاص بين طيات أرواحهم.
النرجسي
هل تعرف قدر نفسك؟
أمثالك أنت أيها الرائع، وسيبتعد عنك الخائنون، البراقون من الخارج وليس في جوفهم إلا السفه. ستعرفهم مهما تلونوا، ستعرفهم مهما أبهرك هؤلاء المتلاعبون بالعقول. لن تنطلي عليك ادعاءاتهم، فأنت مرآة صافية مصقولة، ترى فيها من أمامك بعين مستبصرة ثاقبة. تعرفهم بلحن القول، ولن تنخدع ثانيةً، ولن يستطيعوا إرغامك على العودة لسابق عهدك، فما عدت أنت ذلك الشخص الذي يعرفونه.
لأنك علمت قدرك على الحقيقة، وأعطيتها حقها الذي أهدر على مر السنين. علمت أنك تستحق الأفضل والأروع، وعلمت أن لك عددًا لا نهائيًا من الحلول والطرق الممكنة المعينة على الحياة الطيبة.
وقبل أن تدرك الحقيقة، كنت تفعل هذا لترفع من ليس له قيمة بجانبك، ترفع من لا يهتم إلا بنفسه ولا يهتم لأمرك على الحقيقة، ترفع المتكبر المغرور المتغطرس المتعجرف الأناني، المنتفخ بأناه على الدوام بغير سبب وجيه منطقي.
والآن، دع الإحساس بالذنب، فليس له مكان هنا.
ما عدت ذلك الشخص المتألم من أفعاله، ولكنك أصبحت تقبل الخطأ وتتعلم منه، وتراهن على ذاتك الأصيلة أنك لن تفعل ذلك مجددًا. وفي كل مرة تمتلك الحصان الرابح، وقد تعلمت فنون اللعبة وأتقنتها.
وأولها أنك بشر، تصيب وتخطئ، ومن حقك الخطأ والتجربة والمعرفة. علمت أن السعادة ليست في الوصول، ولكنك أيقنت أنها في الطريق. نعم، ستعلم أنك كنت خائنًا لها، وذلك دون قصد أو نية.
فآثرت صداقة نفسك وتقبلها واحترامها، والوقوف لها تبجيلًا، وأدركت كم كنت عزيزًا رفيع القدر بين الرعاع والقطط المستذئبة والطاووس المنتفخ وهو لا يعرف كيف يطير.
يوم الترك هو يوم الرحمة أم الحسرة؟
ولكن اليوم ليس يوم الندم، بل يوم التغيير والإفاقة، يوم الرحمة.
فقد تعلمت التواصل الرحيم مع نفسك، وتخطيت كل أنواع الأنا المتضخمة، والكبر الجلي والخفي، والكبرياء المذموم، والادعاء بالمثالية والسذاجة المفرطة. علمت الحكمة من الألم والتوازن بين مناحي الحياة المختلفة وعلى جميع الأصعدة، وتحولت تحولًا كبيرًا إلى النضج النفسي البشري الطبيعي، والارتقاء درجات في عالم الوعي والوفرة والسعة والتنوير.
ستجد نفسك بعد تلك الليلة تمتلك علمًا لدنيًا، علم ما لم تعلم من قبل.
ستصبح أكثر تركيزًا، أكثر إصغاءً، أكثر مرونة، وأكثر صلابة نفسية، صلابة نفسية من فولاذ. لا تدري من أين يأتي لك هذا التحول، ولا كيف يحدث، ولا أسباب الرحابة المتتالية بغير شروط.
هل تسمع سماع استجابة؟
ولكنك تعلم أنك تحاول مرارًا وتكرارًا، ولا تقف عند السماع بل تنطلق إلى التطبيق وتنفيذ ما تتعلم. لذلك، يعطيك الله علمًا لم تكن تعلمه، لأنك تدرك أهمية العلم والوعي الذاتي، ورغم ذلك ستشك أحيانًا:
هل أخذت تلك الحبة التي سيصبح آخذها البطل الأوحد على الإطلاق؟
البطل الذي تُحكى مآثره وصولاته وجولاته ومعاركه الكبرى على الربابة، وفي الروايات وأروقة الأدباء.
كيف أصبحت الأسطورة التي لا تُقهر بعد تلك الليلة؟
كيف تحولت من دور الضحية، ودور المنقذ، ودور الراشد، وحامي الحمى؟
كيف خرجت من الوعي الجمعي؟
وحطمت كل المعتقدات البالية الراسخة في أجيال سابقة عديدة.
متى علمت كل هذه الألاعيب النفسية الممكنة واللاممكنة؟ وكيف استطعت ترويضها لصالح هدفك النبيل الأعظم؟
كيف نجحت في أن تقفز فوق الجبال ولا تهزمك الأعاصير؟ وكيف تخطيت الأمواج العاتية بسلاسة وهدوء وأنت مستقر في أمانك؟
كيف ترى الأشياء وتعلمها قبل أن تحدث؟
هل لديك فعلاً الحاسة السادسة وفتحت عينك الثالثة؟
كيف تسبح في السماء؟
أسترقت السمع كالشياطين، أم أنك الملاك الأمين؟
أتهذي كالمجانين، أم أنها عين اليقين؟
هل تركت الراحة إلى الشقاء، أم تركت الجحيم إلى جنات النعيم؟
هل كنت حقًا راضيًا عن مكانك الذي كنت فيه، أم لديك صدق النوايا والتطلع للمكانة؟
رأيتك وقد سهل عليك الحفر في الصخر، واستطعت ترك منطقة راحتك المزيفة المليئة بالأشواك التي ظننت كل يوم أنك قادر على التكيف معها، حتى أصبح أمانك المزيف في الألم المعتاد.
فأنت البطل حقًا وتستحقها بجدارة، بعدما استطعت التخطي والخروج الآمن، والمحاكاة المنظمة للوصول لأفضل نسخة مستحدثة من نفسك وروحك المتألقة.
لقد تعلمت ترك التعلق، وأصبحت طاقتك تجذب لك ما تريد عندما علمت التوحيد الحق وتعلمت التسليم.
وفككت يد السيطرة على ما ليس لك به علم ولا سبيل، واخترت سبيل التسليم، وعلمت أن كل شيء بقدر، وأخذت بكل أسباب التدبير. فأنت بين التوكل واليقين.
ترى الأشياء حق اليقين وعين اليقين، وتركت علم اليقين لأهله.
فأنت الآن من المخلصين المصطفين الأخيار.
عاهدت نفسك ألا تستخدم موهبتك وهبة الله لك في علمك إلا في الحق وللحق، ولأنك تعلم أن ما تنويه وما تفعله سيعود إليك لا محالة.
هل ترى العدل الإلهي؟
وأنت تعلم أنك مررت سنين كسنين يوسف في الجب وفي السجن، فاحمد الله دائمًا وأبدًا على أنه أيَّدك بنصره، وأنك رأيت بأم عينك أن الله غالب، ورأيت ذل أعدائك بعينيك، وقد عفوت، ولكن هذا جزاءً وفاقًا لما فعلوا، فأنت تعلم العدل الإلهي، وبدونه لهُدِمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يُذكر فيها اسم الله.
فأنت الآن لا خوف عليك، فقد ترقيت من بين البشر وليس بفضلك، ولكن بالاصطفاء.
أعلم أنك تخشى الكبر ولا تنازع فيه ولا عليه، لأنك تعلم إلى أين يصل بك إذا امتطيت الكبر مطية.
فبئس المطية، فلن يصل بك إلا إلى الهاوية.
وأنت تكره الكبر، وتمتلك من الشجاعة والقوة والجرأة ما يوصلك بسلام إلى كل ما تريد.
فكان هذا ناقوس أمل، وناقوس تحذير منك وعليك.
مرحبًا بك، وهنيئًا لك في الوعي الجديد والأبعاد والعوالم الأخرى.
أنت الأمل في التغيير،
أنت الملهم لأصحاب الهمم العوالي، والعقول الناضجة المتفتحة الراقية.
اقرأ أيضا: كيف تقدر طفلك وتساعده على التعبير عن مشاعره؟
[…] اقرأ أيضا: ماذا بعد أن يتركك النرجسي؟ […]