موقع يهتم بالمرأة العربية وعواطفها وتحدياتها وأحلامها وشريك حياتها

جبر الخواطر: عبادة سامية يغفل عنها الكثير

0 491

إن جبر الخواطر عبادة من أسمى وأرقى العبادات، حيث تعبر عن صلابة ومتانة خلق صاحبها، وهي عبادة مستمدة من اسم الله الأكبر – الجبَّار – ولله المثل الأعلى وسمي الله جبَّارًا لكثرة جبره لحوائج الخلائق.

فعبادة جبر الخواطر عبادة ليس لها صورة أو شكل معين تتمركز فيه، بل هي عبادة من أيسر العبادات وأكثرها أجرًا وثوابًا عند الله عز وجل.

قضاء الحوائج فيه جبر الخواطر

قضاء الحوائج قيمة خلقية من أعلى وأسمى الأخلاق المحمدية؛ لما فيها من السعي على دفع السؤال والتعفف عنه، ولما لها من أجر وثواب وميزة إنسانية كبيرة، وهي جبر الخواطر، حيث عُلو الروح وسموها ورفع الهمم وسمو الأخلاق. كيف لا! حيث تكفل الله بها ثوابًا وأجرًا، وهو ادراك الله لصاحبها في جوف المخاطر، وكفى بها نعمة وفضيلة.

الابتسامة وعلاقتها بجبر الخواطر

إن الابتسامة غالبًا لا تحتاج سوى قلب سليم من الأضغان والأحقان قويًا أمام عواصف الرياح، لا يريد سوى الحب والمسالمة والسلام مع كل من حوله، فهي من صور وأشكال العبادات التي يؤجر عليها صاحبها؛ لأنها تحتاج لمجاهدة النفس بشدة وبقوة، وخاصة إذا كان صاحبها غير قادر نفسيًا عليها، فحينئذ يصبح الشخص جابرًا للخاطر، مطيبًا للقلوب، معينًا لأخيه المسلم في المسرات والمضار.

هل الكلمة الطيبة تجبر الخواطر؟

ولعل الكلمة الطيبة تتمثل في القول الصادق والكلام الرقيق الهيِّن السهل اللين على القلب، وهذه مرتبة لا ينالها سوى الأصفياء الأنقياء أهل التقوى، حيث عطف الله في القرآن على التقوى والقول الصادق، وفيه دليل على أن كل منهم يشارك الآخر في الثواب والأجر وإن كان العطف يقتضي المغايرة، الا أنه يقتضي المشاركة في المنزلة والشرف.

وبالتالي، فإن الكلمة الطيبة قد تساعد في جبر الخواطر، حيث تعطي الثقة والأمل وتعزز العلاقات الإنسانية، وتخفف من حدة الأحزان والضغوط النفسية، وهي عبادة تحتاج للمجاهدة والتدريب على مدار الحياة، لتصبح عادة وطبعًا في النفس، وتساهم في بناء مجتمعٍ صالحٍ ومترابطٍ.

كيف أقر القرآن عبادة جبر الخواطر

1.قال تعالى “وربطنا على قلبها لتكون من المؤمن” حيث تكفلت معية الله لام موسى بعد أن أوحى اليها “فالقيه في اليم”.. وبعد أن أصبح فؤاد ام موسى فارغا، جاء الجبر من رب الأرض والسماء “فرددناه إلى امه كى تقر عينها ولا تحزن.”

2.ويظهر هذا الخلق كثيرا مع انبياء الله في مواساة الله لهم بعد إيذاء الاقوام لهم، وعين المعية والمواساة تظهر جليا في قوله تعالى “فلا تذهب  نفسك عليهم حسرات”

ويظهر أيضا مع النبي واصحابه;بقوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وهما في الغار “لا تحزن ان الله معنا”

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ

فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ آل عمران/159.

ويكفي لمعرفة مدى أهمية هذا الخلق وعظم فضله، أن نعلم أنه من أهم ما تميز به النبي صلى الله عليه وسلم .

فالنبي صلى الله عليه وسلم كما وصفته أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها؛ لما رجع إليها النبي صلى الله عليه وسلم من غار حراء، كما روى البخارى (3)، ومسلم (160) عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: “… فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي! فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ: لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي.

فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.