كثيراً ما نشعر في حياتنا اليومية بمشاعر سلبية عديدة مثل، الحزن، اليأس، الإحباط، القلق.
ونسعى لتحقيق السعادة الحقيقية في حياتنا، ولكننا لا نعرف ما هو مفهوم السعادة، هل هي شعور بالراحة والفرحة؟، أم هي شعور عام بالرضا عن حياتنا؟ أم السعادة تتحقق عند امتلاك كل ما نتمناه من أشياء ثمينة كسيارة، أو منزل فخم.
ما هو معنى السعادة؟
يختلف مفهوم السعادة من فردٍ لآخر، فمعظم الناس يرون أن السعادة هى أن يشعر الإنسان بمشاعر إيجابية طوال الوقت، فالشخص السعيد عند أغلب الناس هو الشخص دائم الضحك والفرح أياً كانت الظروف، وألا يشعر بمشاعر سلبية في حياته أبداً.
ولكن هذا مفهوم خاطئ تماماً، لأن مفهوم السعادة يختلف عن المشاعر الإيجابية، حيث أن السعادة عبارة عن حالة عامة، عندما نقول أن فلاناً سعيداً في حياته فنحن نتحدث عن تقييم لحياته ككل على المدى الطويل.
بينما المشاعر الإيجابية فهى حالة مؤقتة تشعر بها لفترة معينة ثم تنتهي، كأن تضحك علي مشهد مُضحك، أو تشعر بالحزن إذا حدث معك موقف مؤلم، فأنت تشعر لفترة ثم تنتهي هذه المشاعر سواء كانت مشاعر إيجابية أو سلبية، فالمشاعر الإيجابية جزء من السعادة وليست السعادة بشكل عام.
تعريفات السعادة
أولاً التعريف الفلسفي
نظر “أفلاطون” إلى السعادة على أنها فضائل الأخلاق والنفس، الحكمة والشجاعة والعفة.
أما “أرسطو” فنظر إلى السعادة على إنها هبة من الله وقسمها إلى خمسة أبعاد وهي: الصحة البدنية، والحصول على الثروة وحسن تدبيرها واستثمارها.
وتحقيق الأهداف والنجاحات العملية، وسلامة العقل والعقيدة، والسمعة الحسنة والسيرة الطيبة بين الناس.
بينما أجمع الفلاسفة المسلمون بعد ذلك وعلى رأسهم “ابن رشد” أن السعادة تتحقق بطلب العلم والفضائل والسعي للكمال.
وقال “ابن سينا” إن السعادة في العقل والتأمل والحكمة.
تعريف علم النفس
يقول “مارتن سليجمان” مؤسس علم النفس الإيجابي أن الحياة السعيدة ليست مليئة بالمتع بالضرورة.
فالحياة ذات الرسالة والهدف، والحياة التي يسعى فيها الإنسان لتحقيق أهداف معينة هى حياة سعيدة أيضًا.
وكذلك حينما يمارس الإنسان شيئا يؤمن بأهميته وضرورته في حياته يكون في غاية السعادة.
ومن وجهة نظري أن السعادة تكمن في الرضا بما وهبه الله إلينا من نعم عديدة، كالبصر والسمع والصحة الجيدة.
أن تستيقظ كل يوم وترى جمال الكون من حولك وتتأمل عظمة الله في خلقه، وكذلك الاستمتاع بكل لحظة تمر علينا وملاحظة التفاصيل الجميلة التي تمر علينا كل يوم.
وكذلك حينما تفعل شيئاً تحبه وترى أنه أمراً في غاية الأهمية سيعود بالنفع عليك وعلى من حولك، وكذلك حين تمد يد العون لمن يحتاج إليك حينها تشعر بسعادة بالغة عندما يشكرك أحدٌ ما من قلبه على مساعدتك إياه.
وكذلك العمل التطوعي ومساعدة الفقراء والأيتام وكبار السن؛ حينما ترى علامات البهجة والسرور على وجوههم امتناناً لك على ما بذلته من أجلهم وقتها تشعر بسعادة بالغة.
من الممكن ألا تشعر بهذا القدر من السعادة عند امتلاك الأشياء أو إشباع الغرائز.
وكذلك وجود معنى لحياتك، أن تستيقظ كل يومٍ في الصباح تجتهد لتحقق هدفك من الحياة، لا تعيش هكذا بدون أي أهدافاً حقيقية، فقد وجد العلماء أن من كان لديه معنى لحياته وأهدافاً واضحة يحاول تحقيقها، ويسعى كل يوم لتحقيق هذه الأهداف، هذا يجعله أكثر سعادة ورضا عن حياته.
أقوال مأثورة عن السعادة
“حسبك من السعادة، ضمير نقي، نفس هادئة وقلب شريف“. “المنفلوطي“
“نحن نبحث عن السعادة بعمق، ثم نجدها في أبسط الأشياء“.
“غاندي”
“السعادة لن تأتي أبداً لأولئك الذين لا يُقدِرون ما لديهم“.
“ألبرت أينشتاين“
“لا تعتبر السعادة سعادة إلا إذا اشترك فيها أكثر من شخص“.
“أوسكار وايلد“
أهمية أن نشعر السعادة في حياتنا اليومية
إن الشعور بالسعادة يجعلنا نؤدي أعمالنا على أكمل وجه، حيث يتأثر أداؤنا بحالتنا النفسية، فحين نكون في حالة نفسية سيئة أو نشعر بالحزن والهم لا نستطيع التركيز في عملنا.
وكذلك أثبتت الدراسات النفسية أن الشخص السعيد يتمتع بصحة جيدة ويكون عمره أطول، ويكون أكثر إنتاجية في عمله.
كذلك لاحظ علماء النفس العلاقة بين السعادة والتفكير الإبداعي لدى الأفراد، حيث لاحظوا أن الطلبة الذين بدوا مبتهجين أثناء عامهم الدراسي كان تحصيلهم أعلى من زملائهم.
ليس هذا فقط بل وجدوا أن السعادة مُعدية، ويمكن أن تنتقل السعادة إليك إذا كنت تتعامل مع أناس سعداء، تماماً كما يحدث إذا اختلطت بأناس لديهم مشاعر سلبية كالحزن، الاحباط، اليأس والكآبة، تجد نفسك تتأثر بمن حولك دون أن تشعر بذلك.
ومعنى ذلك بأن سعادتك الشخصية قد تساهم في سعادة الآخرين ممن حولك بنسبة كبيرة كما قالوا في المثل الشعبي القديم “من جاور السعيد يسعد”.
معادلة تحقيق السعادة
قام علماء النفس بعمل معادلة بسيطة لتحقيق السعادة في حياتنا اليومية، المعادلة هى:
“السعادة= الرضا عن الحياة + مشاعر إيجابية أكثر + مشاعر سلبية أقل”.
الرضا عن الحياة كما ذكرنا سالفاً من أهم مقومات تحقيق السعادة في الحياة، وذلك عن طريق إنجاز شيئاً مهماً في حياتنا.
حين تُحب مجالاً معيناً وتسعى للإنجاز فيه والتطوير من نفسك، فإن هذا يوصلك للسعادة مهما كانت الإنجازات صغيرة.
فحين يعمل الإنسان عملاً يحبه يبذل فيه قصارى جهده من أجل أن يصل للهدف المنشود دون أن يشعر بالتعب أو الملل، بل إنه ينسى العالم من حوله، لا يشعر بمرور الساعات وهو يعمل ولا ينتبه لما يدور حوله، وينصب كامل تركيزه واهتمامه فيما يفعله “حب ما تعمل حتي تعمل ما تحب” هذه الحالة من الإندماج تسمى في علم النفس بالتدفق، وقد لاحظوا أن من يمارسها بانتظام تكون حياته أكثر سعادة.
قد يكون هذا الشئ هواية مفضلة، أو مجال عملك، أو نشاط تحبه وتمارسه من حين لآخر.
وكذلك من مسببات الرضا عن الحياة هو تقدير ما لديك، حيث نجد الكثيرين يتطلعون لما عند غيرهم ناسين ما لديهم من نعم كثيرة لا تحصى ولا تعد.
لذا من أجل تحقيق السعادة في حياتنا لابد من تقدير النعم التي لدينا، والتي لو تأملناها وأعدنا النظر فيها لوجدنا أنها لا توجد عند الكثيرين .
والمعادلة توضح أمراً في غاية الأهمية وهو أن تحقيق السعادة لا يعني بالضرورة غياب المشاعر السلبية بشكل تام، بل لا يجب إنكار مشاعرنا السلبية ونكتمها بداخلنا من أجل اثبات أننا سعداء.
من الطبيعي أن تحدث مواقف يومية تؤثر علينا بشكل سلبي، ولكن يجب ألا نركز اهتمامنا علي هذه المواقف، بل يجب علينا أن نتعلم فن توجيه مشاعرنا، بمعنى ألا نعطي الموضوع أكبر من حجمه ولا نطيل التفكير فيه.
وإذا وجدنا أننا مازلنا غاضبين بسبب الموقف الذي حدث نحاول تشتيت تفكيرنا وأن نفكر في شئ نحبه، أو نتحدث لشخص نحبه، أو الاستماع لموسيقى هادئة لتغيير المزاج السئ الذي نشعر به.
تمارين ذهنية لتحقيق السعادة في حياتنا اليومية
اكتبي النعم
اكتبي النعم الموجودة في حياتك الآن بالتفصيل حتى لو شيء صغير.
استرجعي الأيام الجميلة
قم بتسجيل اللحظات الجميلة التي تعيشها وخصص وقتاً لتذكرها.
ساعدي الناس
قومي بمساعدة الناس من حولك وإدخال السرور إلى قلوبهم، فهذا يزيد من سعادتك أنتِ.
مشاركة السعادة
ركزي في الأحداث الجيدة التي حدثت لكِ طوال اليوم كي تحكيها للمقربين منك، موقف مضحك، حدث سعيد، شئ يدعو للتفاؤل.
الرقص والموسيقى
استمعي للموسيقى وارقصي كما تشائين فهذا يبعث في دخلك السعادة.
كتابة الأشياء المضحكة
قومي بكتابة ثلاثة أشياء مضحكة حدثت معكِ خلال اليوم، وجد العلماء أن هذا التمرين البسيط يزيد من شعورك بالسعادة ويقلل الاكتئاب بشكل واضح.
الخلاصة
السعادة شعور جميل ولكنه لا يحدث تلقائياً، أحياناً تحتاجي بعض الجهد لتحقيق أهدافك والمعني العام لحياتك الذي تستيقظي كل يوم في كامل نشاطك وحيويتك من أجل تحقيقه، وتقدير ما لديكِ من نعم أنعم الله بها عليكِ، وكذلك الرضا عن حياتك.
والسعادة مفيدة للإنسان كي يكون أدائه أفضل في الحياة.
اقرئي أيضاً: حقوق الزوجة على زوجها
اقرئي أيضاً: كيف تعرفين أنكِ في علاقة مع شخص نرجسي؟