إنه من الجهل والحماقة النظر للفن إلى أن الهدف والغرض منه هو تقليد الغرب وتقمص شخصيتهم!
كيف لا.
فهم الذين يعانون من نقص الدين والأخلاق وغالبا ما يلجئون للانتحار بسبب ذلك.
نعم الغرب حقا يستحقون التقليد؛ لأنهم حقا يحققون نجاحا باهرا، ولكن ليس في أسلوب حياتهم، بل في سياستهم وإقتصادهم ووضعهم بين الدول، فهذا ما ينبغي عرضه من قبل الفن؛ لتقليده، وليس من المعقول أن نسعى لتقليد الصورة الخارجية، وخصوصا إذا كانت نابعة من سلوك غير سوي، ومبادئ لا تتفق مع مجتمعنا، وهذا ما يهدف إليه المجتمع المصري، وليس كما يعتقد البعض.
دور الفن وأهميته
الترويح عن النفس
إن الفن يهدف دائما للوصول بالمتفرج لحالة من الصفاء الذهني التام، من خلال عرضه للسيناريو بطريقة غالبا ما تكون خيالية، ورغم أنها خيالية، إلا أنهافي الوقت نفسه مستوحاة من الواقع، وهذا ما يعرف بالخيال الواقعي، إنه حقا هو ما يدفع المتفرج للإنجذاب للسيناريو والتمادي معه وفي مشاهدته، فيبعد قليلا عن الواقع، إلا أنه ليس ببعيد عن الواقع في الحقيقة، إنه يعيش الواقع ويشاهده لكنه بطريقة مختلفه وجديدة، غالبا ما تضيف له الكثير في شخصيته، وتعلي من ثقافته وخبراته، ودرايته بالواقع المعاش، فالخلاصة أن الفن لا يعتمد علي الخيال البحت أو الخيال الوهمي، بل هو يعتمد على خيال واقعي، وهذا ما يميز الفن المصري عن باقي الفنون، سواء العربية أو الغربية.
تحريك العقول
إن الفن يلعب دورا كبيرا في تشكيل شخصية الفرد أو إعادة برمجته، نعم، إنه يجذب عقل المتفرج لإعمال عقله، من خلال عرضه لبعض السلوكيات الخاطئة، والتي غالبا ما يفلترها العقل ببداهته، ويرفضها.
تعتقد لماذا يتم عرضها ؟
حتى يتعرف المشاهد عليها، ويتأمل عواقبها الأليمة، فيتلاشاها، ويكون في مأمن منها، وعلى حذر من الوقوع فيها.
تشكيل شخصية الفرد
إن الفن يعرض سلسلة من المبادئ الخلقية، لا يلمسها ولا يدركها إلا المتأمل المبصر، وذلك من خلال عرضه لما يعرف بالتصوير القصصى، فهو غالبا ما يعرض بعض القصص المثيرة، بغض النظر عن كونها مفرحة أم حزينة، والتي غالبا ما تكون مبنية على تضمنها لمبدأ من المبادئ، والذي يتقمصه شخصية بطل ذلك القصة أو السيناريو، والذي يهدف الفن لزرعه داخل ذهن المشاهد أو المتفرج، وحتى يتمكن من وصوله واستيعابه من قبل المتفرجين، من خلال تطويل مشاهد تلك السيناريو والمط فيها، فإذا به يعرض نهاية ذلك السيناريو، الذي تلبس فيه البطل بمجموعة من المبادئ والقيم، التي تكفلت بإنتصاره في النهاية، وبالتالي بتلك النهاية المفرحة يصبح ذلك الدور البطولي نموذجا حسنا وصالحا لكل متفرج أو مشاهد، فيقتدي به وبكل تفاصيله، المتضمنة في ذلك السيناريو، والذي هى شاملة لمجموعة من المبادئ والقيم الخلقي؛ فيحصل التشكيل والبناء لشخصية الفرد.
عرض بعض قضايا المجتمع
إن من بعض أهداف الفن هى عرض بعض المشاكل والقضايا التي يعاني منها أغلب الناس فى واقعنا الحالي، حتى يكونوا على بصيرة من الأمر، فيأخذوا في اعتباراهم، ويتعظوا من عواقبها المؤلمة، فيأخذون الحيطة والحذر، حتى لا يقعون في مثل ما وقع فيه غيرهم، ومن تلك القضايا، مشكلة حرمان المرأة من ميراث زوجها، ومشاكل فشل العلاقات الزوجية، ومشكلة الظلم والإعتداء على حقوق البعض، ومشكلة تعدد الزوجات، ومشكلة معاملة زوجة الأب للأبناء معاملة سيئة وما إلى ذلك.
الفن سلاح ذو حدين
بعض الناس يغلب عليهم الطابع الجاهلي، ويعتقدوا أن الفن فيه بعد عن الله وتحرر من الإلتزام الخلقي، وذلك منظور خاطئ، وذلك يحصل غالبا بسبب النظر للصورة الخارجية والمظهر العام الذي لا يتناسب مع البعض، فهم لا يدرون أن هذا لا يمت إلى الفن بصلة.
فهذه طبيعة وسمات مجتمع، ولا علاقة له بالفن، فهم لا ينظرون للمحتوى الذي يقدمه هؤلاء، بل يغفلون عن كل ذلك، ولا يركزون إلا على الصورة الخارجية، فهذا ما هو إلا تشدد في الدين، وكراهية شديدة للحياة وللواقع.
بالإضافة لذلك، فالفن سلاح ذو حدين، بمعنى أنه يعرض للمشاهدين الإيجابي والسلبي، ولكن ليس هذا هباءا، بل كل شئ له هدف وغاية، فعرض الإيجابي إذا كان هدفه واضح، فالسلبي كذلك له هدف، إلا أنه غير واضح للجميع، ولا يعنيه الجميع، إلا أن الأمر يحتاج إلى الفهم الصحيح للفن، وتصحيح المفهوم المغلوط عنه، وأنه ليس بأمر سلبي و لا يقصد به تحرر من القيم أو عدم الإلتزام بها، بل هو أمر في غاية الأهمية، إلا أنه يحتاج فقط إلى حسن استغلال.
طريقة استغلال الفن لصالح الفرد
إن من أسلم الطرق لإستغلال الفن الإستغلال الأمثل هو التركيز على الجزء الإيجابي فقط دون السلبي، ومحاولة الإقتداء به وتنفيذه وتحويله إلى واقع عملي، حتى يصبح صاحبه نموذجا صالحا لكل من حوله.
ومن طرق استغلال الفن لصالح الفرد هى عدم الإقتداء بالصورة الخارجية للنماذج المسئولة عن تقديم المحتوى السينمائي أو الدرامي، فالصورة الخارجية لا علاقة لها بالفن أبدا، بل هي ثقافة مجتمع، بل الذي يجب التركيز عليه هو الدور نفسه الذي يقدمه بطل السيناريو أو الضحية، ومن ثم تحديد موقفنا من كل دور إما بالإستجابة أو بالرفض.
الخلاصة
أريد التنبيه على أهم وأبرز النقاط :-
1/يعتمد الفن في عرضه للمحتوى الذي يقدمه على الخيال الواقعي، المستوحي من الواقع، وليس مجرد خيال وهمي لا يمس إلى الواقع بصلة،لذا يجب العناية به.
2/الفن سلاح ذو حدين، وفكر وشخصية المشاهد هى من تلعب إما دور المقلد أو المسترشد المتفهم.
3/الفن يؤثر كثيرا على الشخصية ويعمل على إعادة برمجة العقل، وهو المسئول عن الكثير من تصرفاتنا، لأنه إحدى محركات العقول.
4/المظهر الخارجي الذي يظهر به أصحاب الأدوار أو الفنانين، ليس محل إقتداء، وأنه غير مرتبط بالفن نفسه، فهو فقط مرتبط بطبيعة الفرد وثقافة مجتمعه.
5/لكي تحسن استغلال الفن لصالحك، عليك بداية التركيز على الإيجابي منه دون السلبي، ثم فيما بعد
عليك بتحديد موقفك من المشاهد المعروضة، إما التقبل، وإما الرفض.
اقرأ أيضا: طرق معرفة الله سبحانه وتعالى
[…] اقرأ أيضا: دور الفن المصري على الفرد والمجتمع […]