ماذا لو عاد معتذرًا؟
كيف كانت علاقتكما؟
لو كنت في علاقة عاطفية غير متكافئة الأركان، تعطي فيها أكثر مما تأخذ، وغالبًا ما تقبل بالفتات، وتقبل بالتقليل منك وبالمقارنات، وتقبل بالإهانة المباشرة وغير المباشرة.
تنفق وقتك وجهدك ومالك على هذا الشخص، وهو يستمتع بالأخذ دون تقدير أو مشاركة. وأنت تسعى دائمًا لإرضائه وتطوير العلاقة، وتأخذ على عاتقك حِمل إنجاح العلاقة، ولكنها من طرفك فقط دون الآخر.
فأهلًا بك في علاقة عاطفية غير صحية تستنزفك عاطفيًا، ونفسيًا، وروحيًا، وجسديًا على المدى القصير والبعيد.
كيف تُستنزف؟
أنت مع الشخص الخطأ الذي لا يُبالي بوجودك ولا يهتم لأمرك إلا لشيء واحد فقط.
هل تريد أن تعرف ما هو هذا الشيء؟
لأنك مع الشخص الخطأ، أريد أن أخبرك عنه أولًا قبل الإجابة على هذا التساؤل.
إنه شخص أناني لا يرى في كل ما حوله من جماد أو إنسان إلا مصلحته فقط. يسأل قبل أن يتحرك أو يتكلم أو يبادر بأي شيء: “ما هي مصلحتي من هذا الأمر؟”، وبقدر المصلحة سيتصرف.
شخص متحجر على أفكاره المتعفنة النتنة، فهو يرى نفسه محور الكون، وكل من حوله وجب عليهم المدار في فلكه.
يعلم جيدًا حقوقه ويأخذها بشتى الطرق، المباشرة السليمة والملتوية.
وهذا الحق الذي سيأخذه منك هو حق مكتسب، ستؤديه على الدوام، ولن تنقطع عن أداء فروض الولاء والطاعة.
لن تستطيع الفكاك من طلباته وأوامره المستمرة التي لا تنقطع، والتي يرتفع معها سقف توقعاته منك، فهو يرى أن ما تقدمه لا يكفي وما زال لديك الكثير لتقدمه.
علاقة عاطفية
ما هو دورك في هذه العلاقة؟
هذا الشخص الفارغ الخاوي من الداخل يتغذى عليك. يستقوي بوضعك الاجتماعي أو منصبك أو منصب عائلتك ومكانتهم. يستمتع برؤيتك تموت ببطء، فأنت صاحب مكانة وشأن بين الناس. تعطي ما معك ولا تبالي، وسيأتي اليوم الذي تنتهي فيه كل طاقتك المعنوية أو المادية مع الاستنزاف المستمر.
أنت تنسى نفسك في هذه العلاقة المشؤومة، وكل همك وشغلك الشاغل أن يُرضى أو يُقلل اللوم والنقد.
وهل سيرضى عنك يومًا؟
لن يرضى هذا الشخص عنك، ولو جئت له بنجمة من السماء.
هو كائن طفيلي يتغذى على الآخرين حتى يستنزفهم بالكامل. وعندما تصل إلى تلك المرحلة، سيرضى بتركك لأنه لم يعد لديك ما يقدمه. فلماذا يبقى إذًا؟
ما مراحل تلك العلاقة؟
على الرغم من أنه قد انتهى منك بنجاح ساحق، إلا أنه سيبقيك على أحد الأرفف لسببين:
أولهما، لكي يراك تتألم وينتشي بهذا الإنجاز العظيم الذي حققه مع شخص بمكانتك، وما عدت كسابق عهدك.
والسبب الثاني، لأنه اجتهد حتى أوصلك إلى تلك المرحلة، فلن يفلت هذا الإنجاز ليمر دون العودة إليه بين الحين والآخر ليأخذ ما يمكن أخذه إن حاولت الإفاقة والوقوف من جديد على قدميك الداميتين.
سيعود إليك ليمنحك بعض الإطراء، ثم يأخذ منك كل ما يمكنه أخذه. يمتص ما تبقى منك، ويتركك، ثم يعطيك الفتات، ويعود ليمتص ويتركك مرة أخرى، وهكذا يتكرر هذا النمط دون انقطاع، إلا إذا استجمعت قوتك وقررت الخروج من تلك الدائرة.
وهل حقًا تريد الخروج من تلك الدائرة؟
عليك أولًا أن تفهم نفسك جيدًا.
عليك أن تعلم أنك شخص مميز وفريد، ولذلك اختارك هذا الشخص لأن لديك ما تقدمه، ولديك الكثير من السمات والمميزات الواضحة والجاذبة للمستغلين.
أود أن أنصحك بالتمسك بالثقة بالنفس، والوعي الذاتي، وتقدير الذات. هي كلمات متشابهة لكنها ليست بنفس المعنى.
عليك أن تفهم نفسك جيدًا، وأن تضع خطة لتقدير ذاتك بعد فهمها، وأن تثق في قدراتك التي وهبها الله لك. أنت قادر على الخروج برحمة من هذه العلاقة التي تم فيها هدر حقك وقيمتك.
ماذا لديك عند خروجك من هذه العلاقة؟
بعد هذه العلاقة، ستكون محملًا بالهموم والأوجاع والأسقام، فارغًا من الداخل أو مضطربًا. قد تعاني من صدمات أو كرب ما بعد الصدمة.
على الصعيد النفسي، ستكون مستنزفًا وغير آمن، لديك صعوبة في التواصل مع الآخرين أو قد تعاني من انعزال أو رهاب اجتماعي غير مبرر، وقد تجد نفسك غير قادر على اتخاذ قرارات صائبة، ومترددًا.
على الصعيد الجسدي، ستكون منهكًا جسديًا، لا تنام بشكل جيد أو متواصل، وتعاني من الأرق والأفكار المتسارعة التي لا تهدأ، وقلة التركيز والصداع. هذا أقل ما يمكن أن تواجهه.
وكلما زاد تورطك مع الشخص الخطأ، زادت عرضتك للإصابة بالأمراض، مثل الجلطات وآلام المعدة أو المفاصل، وهكذا.
على الصعيد المادي، ستكون مستنزفًا أيضًا، فقد أعطيته كل ما تملك، واستغلك ماديًا حتى حصل على كل ما لديك، ولن يبقى لك إلا القليل لتعيش عليه.
على الصعيد الروحي، قد يشكك في مبادئك، والحق، والحب، والعطاء، وكثير من القيم.
لذلك، إذا عاد معتذرًا، فلا تقبل بالعودة أبدًا.
وأرجو أيضًا أن تلجأ إلى مختص نفسي.
لتعرف أنماط التعلق
لتتعرف على مدى تأثير الإساءة الوالدية على حياتك الحالية، وتأثيرها على اختيارك لشريك حياتك، وعلى إدارة حياتك والأزمات التي تمر بها وأمورك اليومية.
لتعرف هل أنت شخص إرضائي يسعى لإرضاء الجميع.
لتعرف إن كان لديك اضطراب أو سمات من اضطراب، وما حجمه.
سلّم أمرك لله، واعلم أن هناك حكمة من وراء ما يحدث قد تجهلها الآن، ولكن ستعلم في المستقبل أنها كانت رحمة، وأن خروجك من تلك العلاقة كان لصالحك.
متى سيعود معتذرًا؟
سيعود عندما تصبح أفضل، وتتماسك، وتبدأ من جديد، وتلمع من جديد. عندما يصبح لديك ما يمكن تقديمه مرة أخرى.
اعلم أن ما حدث هو قدرك لتتعلم قيمتك، وأنك إنسان قوي تستطيع النهوض مجددًا وبمفردك.
اعلم أنك إنسان تتحمل مسؤولية أخطائك واختياراتك غير الصائبة.
انسى الأمر وابدأ من جديد.
لكن، حتى ترى الصورة كاملة…
ماذا لو عاد معتذرًا وأنت في علاقة مع توأم روحك؟ شخص يعاملك بلطف ورقة وذوق وحنان وعطف.
ماذا لو كان هو اختيارك من بين البشر؟
ماذا لو كان هو من حرك مشاعرك وأثار فضولك ودوافعك نحو النجاح والتقدم والتغيير الدائم للأفضل؟
كانت العلاقة مع هذا الشخص علاقة صحية.
وما هي العلاقة الصحية؟
فيها إحساس بالأمان، لا توجد فيها مقارنات أو تهديدات.
تكون فيها على طبيعتك، أنت كما أنت، بلا تجمل، وتعيش حقيقتك.
لا تخاف من النقد أو الاتهامات، فأنت مبرأ.
تكون واضحًا وصريحًا، وفيها جانب كبير من التفاهم الذي ينبع من الفهم المشترك بينكما، والاتفاق على أمور كثيرة. وحتى لو كانت هناك وجهة نظر مختلفة، تستطيعان بالتواصل الفعال والمرن الوصول إلى وجهة نظر مشتركة متكاملة وليست متضاربة.
ولكن في أثناء هذه العلاقة تدخل القدر ولم تكتمل لأي ظرف خارج إرادتكما.
فلو عاد معتذرًا في هذه الحالة…
راجع نفسك أولاً. انظر هل مشاعرك ما زالت كما هي؟ هل الظروف والقدر يمنحانك فرصة أخرى لمواصلة تلك العلاقة الرائعة؟
هل أنت مستعد للبدء من جديد؟ هل هو كما كان أم تغير؟
حلل، وراجع، واحصر المميزات والاحتمالات، وامضِ في طريقك إذا كانت النتائج ترضيك.
وتوكل على الله أولاً وآخرًا وفي كل وقت، وفوّض أمرك لله مع الأخذ بالأسباب.
اقرأ أيضا: ماذا بعد أن يتركك النرجسي؟