أن كتمان الحق لسمة غير أخلاقية، على العاقل التنزه عنها والبعد عنها كل البعد، لما شدد الإسلام على عقوبتها، ولما لها من آثار اجتماعية مدمرة، من إشاعة الظلم وتضييع الأمانات.
لقد دعانا الإسلام للتخلص من هذا الخلق الذميم، الذي لكاد يرمي بصاحبه إلى الخلود في النار، والعياذ بالله.
يتحدث القرآن عن ظاهرة كتمان الحق، فما مفهوم هذا المصطلح؟
مفهوم كتمان الحق
إن كتمان الحق يشير إلى الكفر بما أنزل الله من الكتاب، وهو يتضمن الأخبار التي تستحق التصديق، والأوامر التي تستحق التنفيذ، والنواهي التي تستوجب الابتعاد عنها وتحذير الناس منها.
عقوبة كتمان الحق في الإسلام
يستحق المتجاهلون للحق والكافرون بما أنزل الله من الكتاب، اللعنة من الله في يوم القيامة. ولا يُنجي من اللعنة إلا من يتوب ويصلح أمره. وهذه العقوبة تنال من مات على الكفر وكتمان الحق. بالإضافة إلى ذلك، سيظلون في النار أبد الآبدين، كما قال تعالى عنهم: “خالدين فيها لا يُخفَّف عنهم العذاب ولا هم يُنظرون”.
ما الذي يدفع هؤلاء إلى كتمان الحق؟!
يتسبب كتمان الحق في بيع الهدى بثمن بخس، وهو الضلالة، وهذا يشبه زهد البائع في شراء سلعة رخيصة. كما يقومون باتباع ما كان عليه الأسلاف من الآباء والأجداد من الكفر والضلال، حيث يقول تعالى: “وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا”. وأيضًا يتبعون الشيطان الذي يأمر صاحبه بالضلال ويفتري على الله الكذب.
وسائل التخلص من كتمان الحق
يدعو القرآن الكريم إلى التفكر في آيات الله، وفيما فيها من معجزات وتدبيرات وعلامات، وذلك لدفع الشخص عن كتمان الحق والكفر. من بين هذه الآيات:
- تعاقُب الليل والنهار
- السحب والماء الذي تحمله، والذي يروي الأرض ويحيي النباتات والزروع والثمار
- الرياح الشديدة والأعاصير التي تحمل الرمال والحصى في الصحراء وتساعد في تأجيرها
- السفن وأشرعتها في البحار، التي تلبي احتياجات الناس وتنفعهم في شؤون الدنيا مثل التجارة وأمور الدين مثل الحج
ما يترتب على كتمان الحق؟
يترتب على كتمان الحق ما يُعرف بالشرك، وهو اتخاذ الند لله وحبه أشد ما يكون. فإن في يوم القيامة، سيتبرأ الكافرون من أتباعهم وينكرون علاقتهم بهم.
كيف تحدث القرآن عن أهمية الإفصاح بالحق
في القرآن الكريم، هناك آيات تتحدث عن أهمية الصدق والإفصاح بالحق وعدم كتمانه. إليك بعض الآيات المشهورة في هذا السياق:
- قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ رَبَّهُمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ
“قَالَ رَجُلَانِ” هنا يشير إلى رجلين من بني إسرائيل وهما يدعوان القوم للدخول في الدين والصدق به، مؤكدين أن الله سيكون معهم وسينصرهم إذا دخلوا في الباب. هذه الآية تشير إلى أنه يجب على المؤمنين أن يفصحوا بالحق ولا يخفوه.
- وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ
هذه الآية تعبر عن أفضل الأقوال، وذلك هو الدعوة إلى الله والعمل الصالح، والاعتراف بأنه من المسلمين. وهي تشجع على نشر الإسلام والدعوة إليه وإظهار الحق.
- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
تحث هذه الآية المؤمنين على أن يكونوا قوامين لله في العدل والإنصاف، وأن يكونوا شهداء للحق. وتحذر من أن يجرمهم كراهية قوم لا ينصحون بالعدل، وتدعوهم للعدل والإنصاف لأنه أقرب للتقوى.