مراقبة الله، ألم تسمع قول الله تعالى(وسع كرسيه السماوات والأرض) والكرسي هو محل استعلاء الله عز وجل فوق العرش واستوائه عليه، وسع ليعم ويشمل الأرض بما عليها وما تحتها، فالله يسمع دبيب النمله في جحرها، ويعلم غيب السماوات والأرض ويعلم ما تكنه النفس وما تخفيه الصدور، لذا فالحاصل أن الله ليس في السماء فحسب بل معنا في كل مكان.
الإحسان طريقك للمراقبة
اقرأ معي هذا الحديث {الاحسان ان تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فانه يراك}.
إن هذا الحديث يوحي بمبدأ المراقبه لله وتقرير هذا المبدا والسمو به- ويتضح هذا من الشرح الموجز له- فالشرح الموجز للعباره أو للفظ علامة َمن علامات قوة العبارة ومدى سموها.
معية الله لأهل المراقبة
ان التعرض لمفهوم المراقبة فيه إشارة إلى كونه جوابا لمصطلح الاحسان{الاحسان ان تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فانه يراك}. والله عز وجل يحب المحسنين، ومحبه الله تقتضي معيته، فمن حفظ الله حفظه الله، ومن عرف الله وجده اتجاهه، لذا فالمراقبة مبنية على معرفة الله.
المراقبة أعلى مراتب الإيمان
[حدثنا عمر بن الخطاب قال: (بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس، إذ جاءه رجل ليس عليه سحناء سفر، وليس من أهل البلد، يتخطى حتى ورك، فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد! ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وأن تتم الوضوء، وتصوم رمضان.
قال: فإذا فعلت ذلك فأنا مسلم؟ قال: نعم.
قال: صدقت، قال: يا محمد! ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وتؤمن بالجنة والنار، والميزان، وتؤمن بالبعث بعد الموت، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: فإذا فعلت ذلك فأنا مؤمن؟ قال: نعم، قال: صدقت، قال: يا محمد! ما الإحسان؟ قال: الإحسان: أن تعمل لله كأنك تراه، فإنك إن لا تراه فإنه يراك، قال: فإذا فعلت هذا فأنا محسن؟ قال: نعم، قال: صدقت.
ثم قال: (أتاكم يعلمكم دينكم)، فدل على أن الدين ثلاث مراتب: الإسلام والإيمان والإحسان
مفتاح المراقبة هو المعرفه التامه بالله
وكيف تراقب من لا تعرف وكيف تعرف الله بدون أن تعرف نفسك، فمعرفة الله متوقفة على معرفة النفس، فمن عرف نفسه عرف ربه والعكس صحيح، ومعرفة الله ثمرتها المراقبة التي هي كفيله بمراعاة الله لك، ومد يد العون لك وجعله أنسيا لك في وحشتك.
طرق مراقبة الله
معرفه الله: وتكون بالإكثار من النوافل. قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي( وما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لاعيذنه).
معرفه النفس: وذلك يكون بالإنشغال بها إصلاحا وتزكية، والتعرف على عيوبها ومميزاتها، ومراعاة الفروق الفردية بينها وبين غيرها، والمحاولة والتركيز على العيوب والعلو من قيمة الميزات ومساحتها لدى صاحبها.
الإحسان: وقد شرحنا هذا المصطلح وقلنا أن الإحسان[ أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فإنه يراك].
ثمرات المراقبة لله
المعية: وصفة المعية من الصفات الثابتة لله في الكتاب والسنة، بأن الله معنا حقيقة كما يليق بجلاله ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) ( الشورى:11)، مع إثبات علو الله سبحانه فوق عرشه واستوائه عليه استواء يليق بجلاله.
المحبة الإلهيه: فالله عز وجل إذا أحب عبدا نادى جبريل، إن الله يحب فلان فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض
التقوى: وهي تتمثل في اتقاء الشبهات وتحري الحلال وترك النواهي وفعل الأوامر
اليقين في الله: وهى أعلى مراتب الإيمان.
الخلاصة
- مراقبة الله أعلى درجات الإيمان.
- ثمرات المراقبة :المعية والمحبة الإلهية، والتقوى واليقين في الله.
- طرق مراقبة الله :معرفة الله، ومعرفة النفس، والاحسان.
- الله يرانا ونحن لا نراه لذا أمرنا بالمراقبة لعلنا نتحرك التقوى.