حديثنا اليوم سيدتي عن القلق، ذلك الشبح الذي يساوركِ دائماً كل ليلة، ويلتهم عقلك بتلك الأفكار التشاؤمية، ويملأ قلبك بالخوف من المستقبل، مما يصيبك بالاكتئاب والاضطرابات النفسية.
تظل الأسئلة تراودكِ ولا تكف عن مهاجمتك، ماذا لو فشلت؟ ماذا سيكون رد فعل من حولي لما أنا مُقدمة عليه؟ ماذا لو مرضت من سيرعى أطفالي؟
وهكذا تظل الأسئلة تلاحقك تماماً مثل الوحش الذي يلاحق فريسته حتى يلتهمها، كذلك الأفكار السلبية والقلق الشديد يلتهمون عقلكِ رويداً رويداً.
لذا عزيزتي سأكتب هذا المقال من أجلك، كي أساعدكِ وأخذ بيدكِ لتتخلصي من هذا الشعور المميت الذي يجعلكِ تفقدي إحساسك بالحياة من حولك، كي تستعيدي صحتكِ التي أنهكت من كثرة التفكير وقلة النوم.
ما هو القلق؟
قام علماء النفس بوضع تعريف للقلق بأنه عبارة عن سلسلة من الأفكار والهواجس والتخيلات السلبية التي تقتحم العقل الواعي بطريقة لا سلطان له عليها.
ومرضى القلق يشعرون أن المشكلة تتفاقم لديهم بنسبة 50% أو أكثر كل يوم، ويشعرون أنهم في مشكلة مستمرة لا نهاية لها.
كما أفادت الأبحاث أن النساء أكثر عُرضة للإصابة بالقلق والتوتر والاضطرابات النفسية بسبب الضغوط الكثيرة الملقاة على كاهل المرأة في عصرنا الحديث.
أعراض القلق
- متاعب جسمانية كالأرق، والصداع، وآلام الظهر، وقرحة المعدة، بل وتصل أحياناً إلى التوتر الشديد ونوبات الذعر.
- علاقات مضطربة بين الزوج والزوجة، بين الأم والأبناء، أو بين أفراد الأسرة ، أو الأصدقاء، أو زملاء العمل.
- سوء الأداء في العمل، وانخفاض القدرة على التركيز.
- انعدام الثقة في النفس، والاكتئاب، مما يؤدي إلى انخفاض أداء المرأة في عملها مما يزيد الأمر سوءاً.
ما هي أسباب القلق عند المرأة؟
توصل علماء النفس والأطباء عن أهم أسباب القلق عند المرأة، وتم تصنيفها في أربع عوامل مختلفة، وهي كالتالي
العامل الاجتماعي
تنشأ المرأة من نعومة أظفارها معتمدة على والدها وأخواتها الذكور على تلبية احتياجاتها، وحل جميع مشكلاتها.
تجد نفسها معتمدة عليهم اعتماد كلي حتي تدرك فجأة حين تستقل بحياتها أنها تفتقر لمهارات عديدة بسبب اعتمادها على من حولها.
وأهمها الثقة بالنفس وقدرتها على حل مشكلاتها بنفسها بدون أن تلجأ لأحد، وهذا يجعلها تجد أمام أي مشكلة تواجهها حتى لو كانت مشكلة بسيطة.
عامل الغريزة الفطرية
خلق الله المرأة لديها استعداد فطري للقلق، ليس على مشاكلها فقط ولكن كذلك على مشاكل المحيطين بها، فهي تشعر بالمسؤولية تجاه كل من حولها.
وتلك الغريزة تقوى لديها عندما تصبح أماً مسؤولة مسؤولية كاملة عن رعاية أطفالها والعناية بهم والحفاظ على صحتهم.
العامل المجتمعي
عانت كثيراً المرأة في العصر الحديث، حيث تعددت أدوارها اليوم ما بين زوجة، وأم، وعاملة، وربة منزل، ومع جهودها المستمرة لتوازن بين كل هذه الأدوار تقع فريسة للضغوط النفسية، مما يزيد من فرص إصابتها بالقلق المرضي.
وكذلك في حياتها العملية، نجدها تبذل قصارى جهدها، لتثبت كفاءتها في العمل ولكن المعتقدات الموروثة بأن الرجل أكثر كفاءة من المرأة، وأنه أولى منها في الترقي في المناصب تقف عائقاً لها مما يجعلها تشعر بالإحباط.
وأن كل ما بذلته من جهد قد ذهب هباءاً، كذلك إحساسها بالتقصير تجاه أبناؤها وأنها لا تقضي معهم الوقت الكافي، يجعلها تلوم نفسها وتشعر أنها ليست أماً صالحة.
حتى الأم التي لا تعمل لا تسلم من الضغوط النفسية حيث ترى أن المجتمع من حولها لا يعترف إلا بالمرأة التي تحقق إنجازات في مجال العمل، ولا يعطي الأهمية الكافية لما تقوم به الأم التي تتفرغ لتربية أبنائها ورعاية شؤون المنزل.
العامل الفسيولوجي
حيث وجد العلماء أن تركيب جسم المرأة يؤهلها، بالاضطرابات الهرمونية المصاحبة لفترة الدورة الشهرية، أو فترة النفاس، أو انقطاع الطمث في سن اليأس.
كل ذلك يصيب الملايين من النساء بالاكتئاب، لأن هذه التغيرات تسبب نوعاً من الحساسية الزائدة، مما يزيد من شعورها بفقدان السيطرة على النفس والعصبية والحزن والبكاء على أبسط الأمور.
ما هي الأشياء التي تُقلق المرأة؟
حينما بحث علماء النفس عن أكثر الأشياء التي تسبب القلق والتوتر عند المرأة وجدوا تسعة أشياء
الهموم المادية
في الفترة الأخيرة ومع زيادة نسب الطلاق، أصبحت المرأة تتحمل عبء مصاريف المنزل ومصاريف أبناؤها وحدها.
فتجدها دائمة القلق من المستقبل، لا تفارقها الأفكار التشاؤمية، من أين لي بالمال الكافي لتوفير احتياجات أبنائي؟، ماذا لو مرضت ولم أجد من يصرف على أسرتي؟
العلاقات
تحدثنا مسبقاً أن القلق في الغالب لا يدق إلا باب اللاتي فقدن الثقة في أنفسهن، وشعرن من داخلهن بالنقص وعدم الاعتزاز بأنفس.
لذا نجد أكثرهن يشعرن بالقلق ألا يجدن شريك الحياة المناسب لهن، أو أنهن لن يجدن أحداً يحبهن بصدق، أو يكنَ قلقات بشأن شعورهن بالوحدة.
إرضاء الآخرين أو عدم إرضائهم
نجد المرأة الغير واثقة في نفسها تفكر كثيراً قبل أن تُقدم على فعل أي شئ في حياتها إذ أنها تهتم كثيراً برضا الآخرين عنها، ونراها تهتم كثيراً برأي الآخرين فيها.
اتخاذ قرار غير صائب
تفكر كثيراً عند أخذ القرارات المهمة في حياتها ويداهمها الخوف والقلق ألا تكون قد اتخذت القرار الصائب في موقف معين.
مشاكل الأطفال
تفكر كثيراً في أطفالها ومستقبلهم وتكون قلقة بشأنهم، شديدة الخوف من المجهول، تتوقع حدوث مشاكل كبيرة لهم وتفكر كيف ستواجه هذه المشكلات.
ضيق الوقت
تشعر بالقلق دائماً بسبب عدم قدرتها علي الموازنة بين عملها ومسؤوليتها تجاه أبناؤها، تحدث نفسها قائلة “لا أجد الوقت الكافي لعملي ولأولادي”.
التقدم في العمر
تخاف كثيراً من فكرة التقدم في العمر، تنظر دائماً في المرآة ويصيبها الهلع إذا رأت بعض علامات الشيخوخة المبكرة، تتساءل، ماذا لو عشت العمر بلا زواج؟، ماذا لو لم أنجب علي الإطلاق؟
الأداء في العمل
تشعر بالقلق الدائم تجاه أدائها في عملها، هل كان علي أكمل وجه أم كان دون المستوى المطلوب؟
الوالدان
تقلق كثيراً تجاه والديها، هل اعتنيت بهما بشكل كاف، أم أنني مقصرة في حقهما؟
ما الفرق بين الهموم العادية والقلق المرضي؟
من الطبيعي أن نخشى عواقب بعض الأمور التي تطرأ على حياتنا بشكل مفاجئ، مثل مرض أحد الأبناء، أو أحد الوالدين.
من المؤكد أننا سنخاف عليهم، ولن يكون من الطبيعي أن تستقبلي هذا الأمر ببرود وبلا خوف أو قلق.
أما أن تصابي بالهلع والخوف الشديد لمجرد الخوف ألا تتوقفي لزواج مناسب، أو ملاحظة بعض الشيب في رأسك دلالة على تقدمكِ في السن، فهذا هو الخوف الضار بعينه، لأنه خوف لا مبرر.
الخلاصة
ولكي أساعدك سيدتي لتتخطي هذه المشكلة، أعددت لكي خمس وسائل لاكتساب المهارة التي تساعدك لتتخلصي من القلق بشكل نهائي، وهذه الوسائل الخمس هي:
- فتشي عن السبب الحقيقي وراء القلق.
- اعرفي الحلول والبدائل المتاحة لديكِ.
- ضعي تصوراً محدداً لأهدافك.
- أقدمي علي المجازفة.
- دعي المشاكل تمر .
في المقال القادم سأحدثك بالتفصيل عن الخمس وسائل وكيفية تطبيقها لحل المشكلة بطريقة مثلي.
اقرئي أيضاً: كيف تحمي نفسك وأسرتك من الإصابة بفيروس كورونا
اقرئي أيضاً: دليلك الشامل للوصول إلى السعادة الحقيقية
[…] اقرئي أيضاً: الدليل الشامل للقلق […]